قصة  قصيرة بعنوان : " عيد زواج "

قصة قصيرة بعنوان : " عيد زواج "

0 المراجعات

جلست امام المرآة..تمسك ادوات الماكياج .. تتزين لزوجها.. فاليوم هو الأكثر تميزاً في حياتهما معاً ..عيد زواجهما العاشر.. تحدق في المرآة ..تحدث نفسها.. لماذا لا أبدو سعيدة مثل كل مرة.. تسكت برهة.. تسرح بخيالها.. تعود إلي شهرين فاتوا.. تستغرب كيف تبدل الحال من سعادة كانت مغمورة فيها إلي حزن و رتابة و ملل.. تتساءل : هل هي ازمة العشر سنوات زواج؟.. لماذا تغير معي ( تقصد زوجها)  ..كيف اصبح كلامه صمتاً و مشاعره صداً و جموداً..تستطرد مع نفسها.. هل تغير فيَّ شئ؟!  ..هل أختفي جمالي.. هل أصبح باهتاً ام تُراه تبدل تحت وطأة احداث الزمان؟!  ..آه لو يعلم كم أحبه؟!.. آه لو يعلم ماذا فعلت من أجله؟!.. هو لا يعلم أني استكفيت بحبه علي حساب أمومتي.. لم أشتكي و لم أتغير معه.. بل منحته حباً لو يعرف الناس مقداره لصارعوه عليه!!.. هل يكون كذلك فعلاً  ..هل هو حسدٔ أو عين.. رأسي سينفجر و عقلي سيُجن!  ..ما سر تغير حاله معي؟!! ..تنظر للمرآة لتري كيف أصبحت بعد ان وضعت قليلاً من الماكياج.. ثم تعود لتستكمل زينتها مرة أخري.. تسرح مرة ثانية.. تتذكر في عام زواجهما الأول عندما ذهبت هي و زوجها إلي الدكتور رؤوف صديق زوجها.. كانا قد ذهبا إليه لإجراء فحوصات عن تأخر الإنجاب فكلاهما كانا متشوقاً لرؤية نبت زواجهما ..طفلٔ جميل يُكمل أركان سعادتهما معاً..و لكن كعادة الحياة لا تمنح كل شئ.. و لابد أن يطغي جانب من الدراما ليعكر صفو سعادة العاشقين.. فقد تفاجأت من الدكتور رؤوف ان زوجها لديه ما يمنع الإنجاب.. و لن يكونا لهما ولد أبداً..تقول لنفسها يومها لم افكر في نفسي بل فكرت في عشق عمري و حياتي زوجي أحمد.. كتمت حزني في نفسي و رجوت الدكتور الا يخبر زوجي بما قاله لي بل و زدت علي ذلك ان قلت له  ان يُخبر زوجي أن العيب فيُّ أنا.. و حدث ما اتفقنا عليه.. ثم تستطرد عبير ( هكذا اسمها)  ..لازلت اذكر يومها كيف احتضنني.. كان حضناً قال فيه كل شئ.. ألا احزن.. انتي حبيبتي و زوجتي و ابنتي و كل شئ في حياتي.. انت الدنيا بالنسبة لي.. يومها فرحت لان تضحيتي لم تضع هباءاً..و لا أُخفي سراً انني كنت اتوقع ذلك فأنا اعرف احمد جيداً و اعرف مقدار عشقه لي.. و لكن احياناً نحب ان نسمع كلمات الحب و نري تلك المشاعر و نتأكد من صدقها.. تسكت برهة.. ما الذي حدث يا احمد؟! ..لم تتذكر عيد زواجنا اليوم.. لم تتصل بي منذ الصباح و لولا اني هاتفتك ما كنت كلمتني.. هل تريدني ان أتسول الحب منك ؟! ..هل هنت عليك فجأة.. ما الذي تبدل.. اه لو تخبرني سأرتاح.. تم تستكمل.. تُري هل هو حب جديد ؟.. هل هي ولاء سكرتيرته ؟.. هل هي إحدي عميلات مكتبه ؟.. لماذا لا يكلمني؟!  لماذا لم يعد يحب العودة للبيت؟ لماذا أدمن السهر خارج البيت؟! ..لم يعد يقول لي كلمة احبك.. لن اتحمل إن دخلت إمراة اخري حياته و تخلي عني بسببها.. الحيرة تفتك بي و الغيرة تقتلني.. مادا تُخفي عني يا احمد؟!  
انهت زينتها و توجهت خارج غرفتها لتذهب حيث طاولة العشاء التي اعدتها احتفالاً بعيد زواجهما.  صنعت كل الطعام الذي يشتهي و العصير الذي يُحب.. و لم تنسي الورود في المزهرية و توجت الامر بشموع.. تحاول خلق جو من الرومانسية عساه يساعد علي عودة الحب الذي كان و يذيب ما في النفوس من آلام و يمحو ما خلفته الفترة الماضية من أحزان و قلق و إضطرابات.. تنظر للطاولة ثم تردد حتماً ستعجبه أرجو ألا يتاخر كعادته تلك الفترة الاخيرة.. مرت ساعة و اثنتان بل اكثر لم تعد تكترث لحساب الوقت .. و هي تنتظر.. ثم تقول لنفسها لم يتصل.. و لم يأت مبكرا لنحتفل.. و سيأتي مرهقاً و لن نتكلم في شئ ( تقولها بحسرة)  ..لم يمضي بعدها وقت طويل حتي جاء أحمد. جرت عليه عبير و احتضنته لكنه لم يبادلها لهفتها بل كان بارداً..حتي انه لم يبتسم.. كتمت عبير ألمها في قلبها و تصنعت ليبدو الامر عادياً.. ثم قالت له هيا يا احمد لقد جهزت لك العشاء 
احمد : لست جائعاً
عبير :تعال فقط و انظر.. ستشعر بالجوع من روعة ما أعددت و صنعت لك 
احمد : قلت لك.. لست جائعا.. ثم ابعد يدها عن يده فقد كانت تحاول أن تجذبه.. 
عبير ( بانفعال)  : احمد ..اليوم عيد زواجنا.. 
احمد : كل سنة و انتي طيبة 
عببر : اهكذا فقط؟  
احمد ( محتداً قليلاً ) : ماذا تريدين ان افعل؟ 
عبير بحزن : لا شئ.. و لكن علي الاقل انت مدين لي ان تبرر سبب تغيرك معي 
احمد: لا شئ 
عبير : لا ..بل هناك.. انت لم تعد احمد الذي اعرفه 
احمد منفعلا ً: ماذا تريدين؟!.. هل تريديني ان أقضي حياتي اتغزل فيكِ و اتغني بجمالك.. دعكِ من هذا.. الحياة ليست هكذا فقط. 
عبير : من هي؟! 
احمد : ماذا تقصدين؟ 
عبير : من التي احببتها و غيرتك؟.. احمد يشيح بوجهه عنها و لا يرد ثم تستكمل عبير.. هل هي اجمل مني.. ام انك اشتقت للاولاد و تريد ان تكون أباً.. ام هي.....  
احمد مقاطعاً : كُفي عن هذه الترهات.. و انزعيها من رأسك.. و اسمعي ما ساقوله لك.. تنظر عبير له باستغراب و لا تعقب.. ثم يستكمل احمد.. لقد اتيت الليلة لأخذ ملابسي. لأنني قررت الأنفصال.. غداً ستاتيك ورقة الطلاق و سأترك لكِ هذا المنزل. اما انا فسأستأجر سكناً اخراً..عن إذنك 
عبير تمسك احمد حتي لا يتركها و يذهب.. ثم تقول بانفعال : تقصد في شقتك الجديدة مع الهانم الجديدة اما انا فترميني مثل اي شئ قديم 
احمد : قلت لك دعيني.. كلامك لن يغير شيئاً..دعينا ننفصل بالمعروف.. فقد كان بيننا طيب معشر لا يمكن نكرانه 
عبير : قل لي من هي؟ 
احمد : لن اقول شيئا.. هذه كلها اوهام في رأسك.. 
عبير : لا ليست اوهام 
احمد : حسناً ..ليس عندي وقت لأضيعه في ظنونك.. دعيني اجمع ملابسي و انصرف ..
عبير تنطر له باكيةً و لا تصدق ما تسمع ثم تقول : هل هنت عليك لهذه الدرجة.. أهكذا ببساطة ستتركني!!  ..تمسح دموعها و تحاول التماسك.. ثم تستطرد : حسناً سأذهب و اجمع لك ملابسك بنفسي فانت لا تجيد ذلك ..أمهلني فقط بعض الوقت حتي أنتهي.. و إن شئت فتناول شئيا من العشاء او اشرب العصير الذي تحبه حتي أعود..افعل ما يحلو لك.. 
احمد : حسناً ..ربما سأتذوق بعضاً من العصير.. و لكن ارجوكي اسرعي 
عبير بحزن : ألهذه الدرجة انت متعجل.. لا تقلق كل شئ سينتهي سريعاً ..تتركه عبير و تذهب متجهة إلي الغرفة حتي تجهز له حقيبة ملابسه

ذهب احمد صوب طاولة العشاء و امسك كوب العصير و ارتشف منه حتي انتهي من العصير كاملاً..ثم اتجه نحو الاريكة التي تعوَّد الجلوس عليها دائماً منتظراً عبير ..كان بين الحين و الاخر يلتفت تجاه الغرفة ليري هل عبير انتهت ام لا.. 
لم تمضي اكثر من 5 دقائق. حتي بدأ يشعر بألام شديدة تعتصر بطنه و بدأ وجهه بالإحمرار .. لا يستطيع ان يبلع ريقه.. يشعر ان وعيه بدأ يغيب و روحه تنسحب عنه.. فما كان منه إلا ان صرخ : عبير.. عبير إلحقيني.. لم تأتي عبير.. جعل صراخه اعلي علي قدر استطاعته.. و صرخ مرة أخري : عبير.. تعالي بسرعة.. فإذا به يري عبير تأتي علي مهلها دون اكتراث لحالته .. ثم تقف امامه عاقدةً ذراعيها فوق بعضهما.. ثم أردف احمد أدركيني يا عبير.. اطلبي الاسعاف بسرعة.. عبير لا ترد.. تنظر بتشفي.. احمد : ماذا بكِ؟!.. انقذيني بسرعة.. 
عبير ببرود : لماذا انقذك؟! 
احمد : ماذا تقولين؟! 
عبير : أنا من وضع السم بالعصير.. اتعرف لماذا؟.. ينظر إليها احمد و لا يستطيع ان يعقب من فرط التعب الذي يعانيه.. ثم تستطرد : لن أسمح لك ان تذهب لامرأة اخري..  لن اسمح لاي احد ان يسرقك مني.. 
احمد : صدقيني.. كلها أوهام.. ليست هناك إمراة أخري 
عبير : كاذب.. قل لي من هي قبل ان تموت
احمد : صدقيني.. لا أحد 
عبير : لن أصدقك و لن أرحمك 
احمد ( بأسي ): هل تقتليني لأنك تحبيني !! 
عبير : انا مجنونة بك.. أهون عندي أن تموت من ان تذهب لإمرأة اخري.. لن تنام في حضن  غيري ابداً..هل فهمت ( تقولها بانفعال).. ينظر إليها احمد و قد بدأت جفونه يالانسدال.. و انتهت طاقة الكلام عنده.. بل انتهت حياته ايضاً..نظرت إليه عبير ثم صرخت باكية لماذا تغيرت يا احمد.. و ظلت تضربه علي وجهه بغضب.. ثم فجأة توقفت و اخذت تقبل جبهته و تمسك يديه و تقبلها هي الاخري.. وظلت تردد سامحني يا حب حياتي.. ثم جرته و هي تبكي إلي الغرفة.. ثم وضعته علي السرير و أبدلت ملابسه.. و مددت جسده علي السرير كأنه نائم.. ثم نامت بجانبه ووضعت راسها علي كتفه و جعلت يده تحيط بها... ثم أردفت اليوم سأنعم بحضنك كما لم أنعم من قبل و ظلت تبكي و هي علي هذه الحالة.. ظلت تبكي حتي الصباح.. ثم قامت و أحضرت الجوال الخاص بها ثم اتصلت بأختها و قالت لها و هي تبكي : إلحقيني يا مديحة.. أحمد مات 
مديحة بإنزعاج : ماذا تقولين.. كيف حدث هذا و متي ؟
عبير : استيقظت في الصباح.. و ذهبت لاحمد حتي اوقظه من اجل الافطار.. و لكنه لم يرد علي.. تحسست انفاسه و امسكت يده فإذا به ميت.. ثم تشتد في البكاء 
مديحة : لا حول و لا قوة الا بالله.. انا قادمة حالا ..و اغلقا الجوال معاً
وصلت مديحة مع زوجها سريعاً..و ما إن رأت عبير اختها حتي القت نفسها بين احضانها و ظلت تبكي و تقول : احمد مات ..احمد راح ..و تحاول اختها ان تواسيها و كذلك فعل زوج مديحة ثم استاذن حتي يجهز اجراءات الدفن ..وبقيت مديحة مع عبير تحاول مواساتها و تهدئتها فهي تعرف كم تحب عبير زوجها أحمد .. و تمت مراسم الدفن و أقيم سرادق العزاء.. و ما إن انتهي اليوم و غادر الناس.. و لم يتبقي في المنزل سوي عبير و اختها.. فأدخلت مديحة اختها عبير الغرفة و مددتها علي السرير و ظلت تهدئ فيها حتي نامت عبير من فرط ما أجهدها البكاء حتي كادت أن تجف مآقيها.. إستيقظت عبير في صباح اليوم التالي و نادت اختها و ما ان رات اختها مرة اخري حتي انفجرت في البكاء مرة اخري و ظلت تردد احمد مات.. احمد راح.. كيف سأعيش من دونه.. و ظلت علي هذه الحالة تبكي و أختها تحاول تهدئتها.. إستمر الأمر حتي الظُهر تقريباً..فإذا بجرس الباب يرن.. يبدو انه احد الضيوف جاء ليقدم واجب العزاء سأذهب لأفتح هكذا قالت مديحة.. و بالفعل فتحت الباب فإذا به الدكتور رؤوف صديق احمد.. قالت له مديحة تفضل و أجلسته في الصالون.. و ذهبت و نادت عبير كي تتقبل واجب العزاء منه ثم انصرفت لتجهز القهوة لتقدمها له 
رؤوف : البقاء لله.. مدام عبير 
عبير تحاول التماسك : شكراً يا دكتور رؤوف 
رؤوف ( متحرجاً ): لا أدري ان كان هذا وقتاً مناسباً أم لا 
عبير باهتمام : تفضل يا دكتور.. قل ما عندك 
رؤوف : كانت هناك وصية تركها أحمد من أجلك و احتفظ بها عندي 
عبير : أي وصية..؟! 
رؤوف : لقد تنازل لكِ عن كل املاكه 
عبير : لكن لماذا لم يقل لي؟! 
رؤوف : في الحقيقة كان هناك أمرٌ اخر دفعه لذلك.. 
عبير : ما هو؟ ! 
رؤوف : احمد كان يعشقك بجنون..أريد ان احكي لك أمراً قبل ان اكمل ما عندي لتعرفي مقدار حبه لك ..عبير تنظر و لا تعقب.. ثم يستطرد رؤوف.. هل تذكرين يوم جئتما لي من أجل معرفة ما سبب تاخير الانجاب لديكما 
عبير : بالطبع.. اذكر 
رؤوف : لم يكن العيب من احمد.. بل في الحقيقة كان منك انتي فعلاً.. و طلب مني احمد ان اقول العيب منه حفاظاً علي مشاعرك.. قال ذلك مخافة ان تظني انه قد يفارقك يوماً بسبب هذا.. احمد ضحي بأبوته لأجلك 
عبير باستغراب : ماذا تقول؟! 
رؤوف : بل و أكثر من هذا.. اعلم ان احمد أحواله تغيرت معك منذ فترة 
عبير : أجل.. صحيح.. هل تعرف السبب ؟!
رؤوف : أحمد كان مريضاً بمرض خطير.. لم يكن ليعيش أكثر من ثلاثة شهور.. لذا قرر أولاً ان يتنازل عن كل ممتلكاته لك سراً ثم قرر أن يجعلك تكرهينه حتي لا يقتلك الحزن علي فقدانه و لتستطيعين الزواج من بعده 
عبير بحزن مشوب بالغيظ : لماذا لم يقل لي 
رؤوف : هو أصر علي ذلك 
عبير بانفعال شديد تصرخ : كان يجب أن يقول لي.. كان يجب ان يعيش.. كانت تقول هذا بصراخ شديد حتي جاءتها اختها مهرولة.. و احتضنتها و عبير لازالت تصرخ كان يجب ان يقول لي.. كان يجب ان يقول لي.. يظنون انها تفعل ذلك من فرط حزنها علي فقدان احمد.. و لا احد يعرف ان احساسها بالذنب هو من إستثارها هكذا.. ظلت تصرخ و تصرخ.. حتي أُغمي عليها.. و اخذوها إلي المستشفي.. فقد جاءها إنهيار عصبي.. و بعدما كشف عليها الأطباء أجمعوا انها ان فاقت مما فيه لن تعود سليمة.. ربما مشلولة.. او ربما مجنونة!!!  
 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

6

متابعين

3

متابعهم

2

مقالات مشابة