أنت بدينة قصة قصيرة رومانسية من قصص حواء والحب بقلم أسماء صلاح أبو خلف

أنت بدينة قصة قصيرة رومانسية من قصص حواء والحب بقلم أسماء صلاح أبو خلف

0 المراجعات

أنتِ بدينة 

وقف يراقب المشهد أمامه باستمتاع، فتاة تنظر لقطعة شوكلاه بين يديها بنهم يسيل له لعابها، فتخرج لسانها وتبتلعه، وكم بدت لطيفة وشهية لعينيه بتلك اللحظة، وعند تلك الخاطرة قرر أن يغض بصره عنها ويكمل تدريبه الصباحي. نظر لها نظرة أخيرة وكاد أن يغادر إلا أنه انفجر ضاحكًا وهو يسمعها تحادث قطعة الشوكلاه قائلة بحسم: لن أضعف أمامك يا لذيذة .. لن أدعك تفسدين حميتي.. ثم علا صوتها وهي تنادي بائع حمص الشام المار بجوارها وأعطته الشوكولاته الفاخرة؛ وابتسمت بفخر كأنها تحيي نفسها. 
ظل يراقبها بابتسامة متسلية إلا أن تلاشت ابتسامته حين وجدها تهب واقفة تتلفت حولها بفزع كأنها تبحث عن شيء ما،  ثم انحنت أرضا فاقترب منها ينوي مساعدتها، لكنه وقف مصدومًا حينما رأى وجهها يشحب و ابتعدت خطوتين للوراء، ثم قالت بصوت عالي: أنتِ شجاعة بتول هي مجرد هرة صغيرة لن تؤذيك عليك أن تساعديها، هيا بتول تقدمي هيا! وضمت يدها ثم رفعتها عاليًا ووضعتها على قلبها ورددت بسم الله، واقتربت ببطء شديد، هنا وضع يديه على فمه يكتم ضحكته خشية أن تسمعها …. 
لم يقابل فتاة مثلها من قبل! جبانة وشجاعة في آن واحد.
أخذ يراقبها كيف تغمض عينيها ثم تفتحهما وتحاول مساعدة القطة التي حُشرت قدمها بين الصخور فجرحت، 
ونجحت بإنقاذ الهرة الصغيرة، وضمتها لصدرها وربتت على رأسها وهي تقول: لا تخافي يا صغيرة! أنت بخير الآن … 
ابتسم بتعجب كيف تخاف القطط وتحتضنها، لكنه تعجب أكثر ولم يستطع كتم ضحكاته أكثر فخرجت ضحكته مرتفعة وصلت لمسامعها! حين رآها كيف تذكرت خوفها من القطط ورمتها من بين يديها وابتعدت. 
توقف عن الضحك أخيرا ونظر لها وجدها تنظر له، كاد أن يذهب لها لكنه وجدها تتجاهله، وعادت لكرسيها أمام البحر. 
رن هاتفه فعلم أن وقت رياضته انتهى وعليه الذهاب للمشفى حيث يعمل طبيب قلب بها. 
وجد نفسه ينظر لها مرة أخرى قبل أن يغادر، فوجدها تبكي بصمت. 
هنا لم يتحمل هناك شيئا جذاب بتلك المرأة، رغم أنها ليست بفائقة الجمال أو جذابة، بل هي بدينة ملامحها هادئة لكنها مريحة، بشرتها بيضاء صافية كالأطفال، لكن روحها تجذب روحه لتذهب لها ليعرف لمَ تبكي؟ علَّه يساعدها. 
ذهب وجلس قربها على نفس المقعد فلم تعطه أي أهمية إلا عندما قال : لمَ البكاء ؟ 
فانفجرت باكية بصوت عال، فقال بصوت مشفق: اهدئي بالله عليك، كل شيء له حل … ما الأمر؟ 
قالت بحزن من بين دموعها المنهمرة: رأيت القطة كيف كانت تموء! لم يساعدها أحد، ماذا لو لم أسمعها أنا كانت ستموت؟ وواصلت بعد نشيج صامت قائلة: هرة مسكينة! 
فانفجر ضاحكا مرة أخرى، ونظر لها بتعجب قائلا بابتسامة جذابة: هل هذا ما يحزنك حقا ؟!
نظرت له بتمعن ثم تجاهلته مرة ثانية وكأنها تتذكر أنها تحادث رجل لا تعرفه
بينما هو ينظر باستنكار لهذا الكائن الغريب الذي يقابل مثله أول مرة، عندما لاحظ تجاهلها له، قال بصوت خافت: لا تحزني، فالله أرسلك خصيصا لتلك الهرة المسكينة، وأعطاكِ المقدرة لتنقذيها رغم خوفك منها…. لم يجد ردًا منها، فاسترسل قائلًا بهدوء: اعتذر على تطفلي، وداعا
لم يكن يعلم، أن ما يبكيها  أهم من هرة مسكينة، لم يكن يعلم أن ما تبكيه،  نفسها وأحلامها، حبها وقلبها المسموم! وهي تتذكر كلماته.
أنتِ بدينة وتسمنين أكثر، لمَ لا تتبعين حمية غذائية؟
توقفي عن الأكل، لا أصدق أني تورطت بكِ، انظري لنفسك، تبدين كالفيل ....! 
تلك السهام المسمومة طعنت بها من أقرب الناس إليها؛ الرجل الذي أحبته يومًا وخطبت  له. 
أجبرها على إتباع حمية لا طاقة لها  بها؛ لكنها امتثلت لأوامره حبا فيه وإرضاءً لأهلها الذين كانوا دائما في صفه. 
نظرات التحقير والاستنكار التي كانت تراها في أعين أمه "حماتها المصون" قتلتها ببطء؛ فبحثت عن عينين أمها لعلها تنصفها  بنظراتها الحنونة فلا تجد في عينيها إلا شفقة. 
كانت تخشى  تناول طعامها معهم، لم تستطع أن تكون على طبيعتها يوما. 
تلك الحمية اللعينة، والكلمات المسمومة والنظرات القاتلة .. جعلتها ترغب بالموت، وحقا فعلت، لقد حاولت الانتحار  وفشلت كفشلها بكل شيء.
ولكنها تحمد الله كل ليلة أن محاولتها تلك باءت بالفشل، وأعطاها  الله عمرا جديدا لتحيا.
في نفس اليوم الذي ذاقت فيه الموت أخذت قرارها بأن تحيا لنفسها  .. للأنا بداخلها .. .
تركت خطيبها وقبله دعست وهم حبه من عقلها وقلبها، ولم تلتفت لحديث الناس ولا لنظرات الغضب والشفقة التي ترمقها  بها أمها. 
وأخذت قرارها ..ستتبع نظام غذائي جديد. 
تعلم أن هذا مفاجئ لكنه الآن مختلف، الفرق أنها هي التي تريد ذلك،(هي) هذا هو الاختلاف ... ليس إجبارا من أحد أو لأجل أحد، فقط لأنها  تريد أن تثق في نفسها  أكثر، أن تثبت أنها تستطيع. 
لا تريد رجلا يخبرها أنها جميلة، لأنها واثقة أنها هكذا حقا، سواء كانت بدينة أم نحيفة  وبالأمس بدأت رحلتها، ذهبت لدكتور سمنة ونحافة، وقررت اليوم أن تمارس رياضة المشي نصف ساعة صباحا، لكن قبلها ذهبت لتأخذ نتيجة التحاليل التي طلبها منها طبيبها، فوجدت أنها مصابة بداء السكري، و نسبة كوليسترول مرتفعة في الدم، وكل هذا بسبب إهمالها لنفسها وغذائها. 
أفاقت من شرودها وإحساس الخذلان والندم الذي ينهش بقلبها دون رحمة، على إحساس وليد بالثقة، الإصرار، العزيمة.
ستحقق كل ما تريد، ستحصل على جسم جميل متناسق، ستجتهد في دراستها، فهي تحاول الحصول على شهادة في التخاطب، بجانب شهادتها بكالوريوس التربية. هي تريد أن تصبح معلمة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. طريقها طويل، لكنها ستصل لوجهتها بنهايته دون الاتكاء على أحد. 
كان هذا وعدها لنفسها وهي تقول بصوت متحمس: هيا بتول، قاومي تستطيعين أنتِ قوية ستفعلينها.
هذا آخر ما سمعه مراقبها قبل أن يبتعد بسيارته للمشفى التي يعمل بها.
ظل طوال الوقت يفكر بها ويبتسم ببلاهة لتصرفاتها الطفولية العجيبة! 
وفي اليوم التالي وجدها تجلس بنفس المكان  و تتنهد بشدة يبدو أنها قطعت مسافات طويلة، وقف يراقبها بأنفاس متسارعة أثر جريه.
وابتسم حين رآها تسقي النخلة التي تطل عليها بزجاجة الماء التي بين يديها. 
ثم توقفت وكأنها تبحث عن شيء حتى وجدت ضالتها، الهرة المسكينة. 
أخرجت من حقيبة ظهرها الصغيرة كيس به لبن وطبق صغير سكبت فيه اللبن ووضعته للهرة وهي تقول: جلبته لكِ، لم أكن متأكدة أني سأجدك، لكن أحمد الله أنك هنا 
وابتسمت وهي تبتعد عنها وتعود لجلوسها الهادىء بشرود حزين

تلك المرأة الطفلة الحنونة البدينة، تستفز كل حواسه ومشاعره، يريد أن يتعرف عليها عن قرب، لكن لمَ وكيف لا يعرف؟ لم يكن يومًا من الرجال المتطفلة. 
لكن تلك المرأة بهدوءها وجنونها براءتها وحنانها تجذبه بمغناطيس لها 
تنهد حين رآها تغادر
ومرت الأيام وهو على هذا الحال يراقبها بصمت وبابتسامة حتى اعتاد مراقبتها كاعتياده لممارسة رياضة الجري. 
بينما هي تثابر لتحافظ على نظامها الغذائي، وإتمام تعليمها، ومعالجة مشاكلها التي لا تنتهي. 
في أحد الأيام لم تستيقظ حتى تمارس رياضتها المعتادة بسبب تأخرها بالنوم فقد ظلت طوال الليل منكبة على مذكراتها.
فوقف هو مكانه حيث يراقبها كل يوم، يتساءل لمَ لم تأتي هل هي بخير؟ ظل ينتظرها ساعات وساعات حتى تأخر عن عمله. 
وفي تلك اللحظة بينما يتآكله القلق تأكد أنه أحبها، أصبحت العادة حب، إنه يريد أن يراقبها كل يوم بل كل ليلة ولحظة. 
وفي اليوم الثاني رآها تجلس بمكانها فاطمئن قلبه، يبدو أنها تفقد من وزنها حقا، كم يتمنى الذهاب لها وتشجيعها، قرر أنه لابد أن يفعل شيء ما ينبهها لوجوده. 
وبالفعل اليوم التالي وضع على مقعدها وردة بيضاء، تفاجأت بها حين رأتها وابتسمت قائلة: يبدو أن أحدهم نساها هنا إذا هي من نصيبي و ضحكت بخفوت. 
وثاني يوم وجدت وردة وردية اللون. فابتسمت بتوتر  بينما تستنشق العطر المنتشر عليها هل نساها نفس الشخص أم ماذا؟ 
واليوم الثالث وردة حمراء ابتسمت لها بخجل، لا تعرف لمَ فكرت أن أحد يضع لها تلك الورود 
أما هو فقد كان يتابعها بابتسامة حنونة وفكر أنه لابد أن يظهر لها.
فذهب وجلس بجانبها وسألها بخفوت: كيف حالك؟ 
نظرت له وهي تفكر متى رأت هذا الشخص؟ وتذكرت فابتسمت بخجل وهي تقول: آسفة لإزعاجك بذلك اليوم
ابتسم لها بحب ولكن انطفأت ابتسامته قليلا حين أكملت: ولا داعي لسؤالك، فأنت لا تعرفني، توتر قليلا ولم يتحدث فقط أعتذر لها وجلس قليلا يتمتع بقربها.
بينما هي كانت متوترة من وجوده وجلوسه قربها وإن لم يكن بجانبها، كما أنه لا يضايقها. 
وظل الحال كما هو عليه، كل يوم يلتقون ويجلسون على نفس المقعد فيبتسم لها فترد له ابتسامته تلقائيا … 
اعتادت وجوده، شريك المقعد، بل أنها تقلق أن لم يأتِ وتنتظره. 

انتظار شخصًا ما، يعني أنك تحبه  حتى وإن لم تكن تعلم. 
رغم أنهما لايتحادثا فقط يلقيان السلام إلا أنها اعتادت عليه. 
وفي يوم ممطر قاطع هو الصمت قائلا بحب بينما نبضات قلبه تدق بعنف: بتول أنا أراقبك منذ ستة أشهر تقريبا، منذ اليوم الأول الذي رأيتك فيه حين أنقذتِ الهرة. 
وأحببتك كثيرا، أحببت عفويتك، براءتك، خوفك، شجاعتك إصرارك..أحببت فيكِ كل شيء … وأريد الزواج منك وإمضاء كل حياتي برفقتك ومراقبتك ...حين وضعت لك الوردة البيضاء لأعبر عن نقاءك الذي أضاء قلبي، والزهرة الوردية لأقول لك كم أنت رقيقة وعفوية، والوردة الحمراء تعني أني أحبك.
توردت وجنتيها وازدادت ضربات قلبها  بحبسها لأنفاسها، تكاد تختنق. 
فابتسم لها بتسلية قائلا: تنفسي بتول.
تنهدت بحدة بينما يعلو صدرها ويهبط كأنها في سباق لم تتخيل يوما أن أحدهم سيقول لها هذا الكلام، ويحبها هكذا وهي بهذا الشكل، نعم هي فقدت بعض من وزنها لكن ما زالت بدينة قبيحة كما تقول لها أختها،  وهو..هو رجل وسيم، كيف أحبها؟ 
هي فرحة .. متوترة ..خجلة ….خائفة … لكن رأيها محسوم. 
سألته بصوت خافت: لمَ، وكيف؟ 
نظر لها بتساؤل 
أوضحت قائلة بينما تفرك أصابعها بتوتر: لمَ أنا بالذات؟ أنت تبدو غني ووسيم كيف تحب فتاة مثلي؟ بدينة وقبي
قاطعها بانفعال وعبوس: من وضع في رأسك هذا الهراء من قال لك أنك قبيحة! والله أنكِ في عيني أجمل النساء. 
ما رأيت أحدا في جمال روحك وأخلاقك،  لا يهمني إن كنتِ بدينة أو نحيفة، أنتِ جميلة حقا انظري بالمرآة لبشرتك البيضاء وعينيك التي تشبه القهوة ..انظري لابتسامتك الساحرة وبراءتك الظاهرة في ملامحك ستعرفين لمَ أحببتك؟ 
انفجر وجهها بالحمرة القانية وسالت دموع عينيها، كيف يمكن لكلمات أحد أن تغير حياة! 
فقال مبتسم بحنان : لو تعلمين كيف أراكِ، لأحببت نفسك.
قالت بخفوت : أنا حقا أحبها 
قال بمشاكسة: من تحبين؟ 
- نفسي، أحب نفسي كثيرا وأحاول إسعادها. 
ابتسم لها بمودة قائلا: أعرف ...والآن أخبريني متى أحضر الوالد وآتي لبيتكم ؟ 
رفعت نظرها لعينيه وقالت بهدوء متوتر: أنا أسفة يوسف، لا أستطيع 
شحب وجهه بينما قال بهدوء: لا تستطيعين ماذا؟ 
قالت بهدوء مماثل: لا أستطيع الزواج الآن.
أنا الآن أحاول أن أتعافى من علاقة سابقة، ولدي أحلام علي تحقيقها، أريد الاعتماد على نفسي، أخاف أن أُجرح مجددا،كما أني لا أريد الاتكاء على أحد
نظر لها باستفسار. 
فقصت عليه حكايتها، وتابع هو حديثها واضطربت مشاعره بين غيرة لشخص امتلك قلبها إلى شفقة وحزن عليها وغضب ممن أحزنها هكذا إلى فخر بقوتها وإصرارها الذي يراه يشع من عينيها …
قال بصوت حاول أن يكون هادئا لكنه خرج حاد رغم عنه: هل تحبينه؟ 
فأجابت بحسم: لم أحبه يوما.
حبي له كان مجرد وهم، أول رجل في حياتي وخطيبي لذا يجب أن أكون أحبه، هذا كان تفكيري حينها، لكن كل شيء تغير.
ابتسم بارتياح قائلا : إذن لا بأس 
فقالت بقلق : ماذا؟ 
فأجاب بتنهيدة : أنا ادعمك، بتول وأتفهمك ولا أريد أن أكون عقبة في حياتك، أريدك أن تكوني قوية بإيمانك ونفسك فقط، لا تقلقي علي أنا بخير، تابعي طريقك.
ابتسمت له بينما انقبض قلبها، لمَ؟ لا تعلم.. لمَ كان عليه أن يكون متفهما هكذا ..!  
لم يناما تلك الليلة، كل منهما يفكر في الآخر، ويفكر في الخطوة التالية …! هي لديها أحلامها وطموحها وسعيها ...وهو أصبحت هي كل أحلامه. 
انتظرته في اليوم التالي فلم يأت، واليوم الذي تليه ولم يأتي أيضا ..وانتظرته كل يوم وهي تعلم أنه لن يأتي قط.

لابد له أن يمضي قدما هو الأخر. 
أزالت دمعة خائنة سقطت من عينيها وهي تعترف لنفسها : أنها اشتاقت إليه كثيرا 


بعد مرور ثلاث سنوات

تقف بتول بشموخ تستلم جائزتها لدورها الفعال في التنمية البشرية. 

تلك كانت البداية، نقطة التحول، السهم المسموم 
"أنتِ بدينة!"  جعلتني ما أنا عليه اليوم، 
درست وتعلمت فشلت ونجحت، بنيت نفسي. 
بعض السهام لا تقتل، فقط تصيبك لتحفز جسدك وروحك للمحاربة بشجاعة، للأخذ بالثأر لنفسك، لتكون ما أنت عليه اليوم من قوة.
قالت تلك الكلمات ودموع الفخر والرضا عن الذات تترقرق من عينيها، وسط تصفيق الحضور وابتسامتهم الفخورة والمشجعة،ترفع الجائزة عاليا وهي تبتسم للمصور. 

انتهى الحفل أخيرا، ذهبت لمكانها المفضل؛ المقعد أمام البحر 
جلست تفكر فيه، اليوم حققت انتصارها اليوم فازت لكم تريد أن يكون متواجد الآن قربها ..لم تنسه يوما وكيف تفعل؟ وقد أحبها حين لم تحب عي نفسها، منذ ابتعاده وحبه يتسع في قلبها.
لا تعلم السبب هي فقط تتذكره في مثل تلك اللحظات وتشتاقه، لابد أنه تزوج ونسيها وعند هذه الخاطرة أجهشت بالبكاء بصوت عال وهي تمسح بطرف ثوبها موضع دمعها. 
فيأتيها صوته المشاكس قائلا: تبدين كالطفلة أ.بتول. 
نظرت له بصدمة وفرح ونطقت اسمه بلوعة واشتياق فبدا أن حروف اسمه تخرج من أعماقها وكم أسعده ذلك : ي و سف. 
ابتسم لها بود وجلس قربها قائلا: كيف حالك؟ 
أزاحت دموعها وقالت تشير لنفسها بفخر: ماذا ترى أنت؟
ضحك بصوت عال قائلا: أراك فاتنة بثوبك الذهبي، أصبحت فاتنة مغرورة.
ضحكت بتوتر وخجل قائلة: كيف حالك أنت؟ ما ذكرك بمقعدنا؟ 
نظر لها بصدمة فرحة وقال مبتهجا: أكنت تنتظريني، هل اشتقت لي كما فعلت أنا؟ 
قالت له بخفوت حزين : أنت لم تفعل، لم تأت هنا مرة واحدة. بالتأكيد أنت متزوج وربما لديك طفل.
قال بهدوء ملاحظا نبرتها الحزينة: لقد حاولت، صدقيني حاولت تخطيك ولم أفعل، في آخر محادثة لنا قررت انتظارك فعلا، تبنين نفسك بينما اراقبك أنا من بعيد، مرت الشهور والسنة بعد الأخرى بطيئة مملة، تحت إلحاح والداي، قبلت وبحثت عن عروس تليق بي واطمئن لها.. تنهد مكملا وخطبتُ مرتين بالفعل في الثلاث سنوات السابقة.
كانت تستمع له بقلبها وعقلها تنتظر نهاية حديثه، يرتجف قلبها متسائلا اهو متزوج أم لا؟ هل لديها فرصة؟ فرصة لتحظى بالحب من رجل مثله، فرصة لقلبها كما اقتنصت فرصتها من النجاح. 
توقف هو،  يراقب أثر حديثه عليها، لكنه لم يرى سوى جانب وجهها، تنظر للبحر شاردة بصمت. 
فتابع حديثه راغبا في شرح ما مر به لها
خطبتُ مرتين لكن لم أوفق! كنت أبحث فيهن عنك. 
نظرت له بصدمة فرحة بحديثه وقاطعت حديثه قائلة بتوتر: لكن كيف؟ لمَ لم تأتي هنا كنت وجدتني انتظرك.
انشرح صدره وأضاء وجهه بابتسامة قائلا: كنت هنا رأيتك كيف تنجحين، رأيتك 
كيف تستعيدين نفسك و تتألقين كفراشة خرجت من شرنقتها، راقبتك لكن كنت أراك بعيدة المنال، ظننت أنك نسيتني ومضيتِ بحياتك، وكيف تنتظرين شخص لم تحادثيه سوى مرتين، لم أعدك بشيء ولم تعديني بشيء بل رفضتيني، قلت لنفسي هي لا تحبك، كف عن تصرفات المراهقين وتصرف كرجل ناضج، وهكذا فعلت اتخذت خطوة الارتباط! وتوقفت عن المجيء.
لكني لم استطع، تراجعت خوفا من ظلم إحداهن، كيف أتزوج وقلبي معلقا بأخرى؟ 
قالها ناظرا لها بابتسامة مشرقة فسالت دموعها وأدارت وجهها عنه خجلا وحياء. 
لفهما الصمت قليلا،حتى قاطعته هي متساءلة: والآن ما الذي تغير؟ ما الذي أتى بك؟ 
كنت ضائق الصدر مختنق، ففكرت بالمجيء لمقعدنا هنا لعلي اهدأ! ويومها رأيتك، كنت تبكين سعيدة بمعرفتك بتكريمك في مؤتمر اليوم، وحزينة لأنك اشتقت لي، أنا يوسف! ضحك بتوتر مسترسلا سمعتك تحادثين تلك القطة، أظنها  أصبحت صديقتك. صعقتُ مما قلت وقتها وتساءلت؟ هل تشتاق لي أنا حقا، كنت متوتر وفرح لكني قررت انتظار الليلة لأخبرك أني تقدمت لفاتنة جميلة منذ أسبوع وانتظر موافقتها اليوم. 

ماذا؟ من..من هي؟ لم أفهم...يا إلهي.. أهو انت؟ قالتها بتوتر مصحوبًا بشهقات بكائها. 

-أنت العريس؟ أخبرني أبي عنه، أنه أنت فعلا يوسف، كنت سأرفض، أنت تمزح!

قاطعها ضاحكا بينما تترقرق دموع الفرح بعينيه: تنفسي بتول، ونعم إنه أنا. وماذا قلتِ سترفضين؟  ضحك هازئًا افعليها وألقيك في البحر الآن وأنا وراءك. 

ابتسمت من بين دموعها قائلة بخفوت: موافقة.

قال مشاكسا: لم أسمع.
-موافقة
-ماذا؟
- قلت لك موافقة! موافقة على الزواج بك.

لمزيـد من قصص حـواء والحـب تابعونا 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

19

متابعين

8

متابعهم

9

مقالات مشابة