موسى والبقرة الصفراء

موسى والبقرة الصفراء

0 المراجعات

موسى والبقرة الصفراء قُتِل في بني إسرائيل رجلٌ غنيّ لم يكن له ولدٌ على يدٍ قريبٍ له ؛ بهدف الحصول على الميراث ، ثمّ أتى القاتل إلى موسى- عليه السلام- يخبره بموت قريبه ، ويسأله أن يساعده في معرفة القاتل ؛ ليقتصَّ منه ، ولم يكن عند موسى- عليه السلام- عِلمٌ بشيءٍ ؛ فجمع الناس وسألهم عن الأمر ، فلم يكن أيّ أحدٍ منهم يعلم شيئاً ، فأوحى الله- تعالى- إليه أن يأمر القومَ بذَبح بقرةٍ ؛ لمعرفة القاتل ، فاستغرب القوم ، وأكثروا السؤال عن أوصافها ، فبيَّن الله- تعالى- لهم أنّها بقرةٌ لا كبيرةٌ مُسِنّةٌ ، ولا صغيرةٌ ، بل مُتوسِّطة السنّ ، ذات لون أصفر صافٍ لم تُتَّخَذ للعمل في الأرض أو السقاية ، وهي خاليةٌ من العيوب ، وليس في جسمها لونٌ آخر ، فوجدوها بعد طول عناء ، ولو أنّهم أطاعوا الأمر بذَبح بقرة ، لأجزأهم ذلك ، إلّا أنّهم بتشديدهم على أنفسهم ، شدَّد الله عليهم ، ثمّ ذبحوها ، وضربوا الميّت بعظمها بأمرٍ من الله ، ففعلوا ، فأخبرهم الميّت عن قاتله ؛ وهو قريبه ، فأُخِذ وقُتِل ؛ لسوء عَمَله
 

يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّـهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * 

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّـهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّـهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّـهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).

( ٢٠) قصّة موسى مع الخَضر خطب موسى في بني إسرائيل يوماً

 ، فسأل أحدُ القوم عن عِلمه ، وإن كان هناك مَن هو أعلم منه

 ، فأجاب موسى- عليه السلام- بالنَّفْي ، فعاتبه الله- تعالى- ، وأمرَه أن يُسلِّم أمره إليه ؛ فلا عِلم له إلّا بعِلم الله ، وأخبره أنّ هناك مَن هو أعلمُ منه ، فتوسّل موسى إلى ربّه أن يُعرِّفه به ؛ ليتعلّمَ ويستزيد منه ، فأخبره الله- تعالى-

 أنّه العبد الصالح الخَضر ، وأعلمه بالمكان الذي سيجده عنده ؛ وهو مَجمع البحرَين ، ودلالة الوصول إليه فُقدان الحوت الذي يحمله معه بأمرٍ منه- سبحانه- ؛( ٢١) وحوت موسى سمكة طبيعيّة 

،( ٢٢) فذهب موسى- عليه السلام- ، وأخذ معه يوشع بن نون الذي كان يخدمه ، ويأخذ عنه العِلم ، وسارا في طريقهما ، فاستراحا عند صخرةٍ ، وأثناء راحتهما فُقِد الحوت ، ثمّ أكملا المَسير دون أن يتفقّد يُوشع أمرَ الحوت 

، وحين اعتراهما التعب والجوع ، طلب موسى من يُوشع الطعام 

، فعلما حينها بفقدانهما الحوتَ ، فرجعا إلى الصخرة ، فوجدا الخضر ، فسلّم عليه موسى ، واستأذنه أن يمضيَ معه في طريقه ؛ ليتعلّم منه ، فحذَّرَه الخضر من كثرة السؤال ، وعدم الصبر ، فكان ردّ موسى- عليه السلام- أنّه سيلتزمُ أمرَه ، ويُطيعُه ، فسارا في طريقهما

 

أخبر الخضر موسى- 

عليه السلام- ألّا يسأله عن أيّ فِعلٍ يفعله حتى يُحدّثه هو بذلك ، فوافق موسى ، ثمّ ركبا في السفينة التي سمح لهم أصحابها أن يركبوها دون أُجرةٍ ، فأخذ الخضر يعيب السفينة ؛ 

فثقبها ، وأتلف جزءاً منها ، فاستنكر موسى فِعلته ، فذكَّرَه الخضر بالشرط ، فطلب منه موسى أن يسامحه ، ثمّ مَرّوا بغلامٍ ، فقتله الخضر ، فتعجّب موسى ، ولم يتمالك نفسه ، وسأله عن سبب قتله نفساً بريئةً ، فذكّرَه الخضر بالشرط ، فوعده موسى بعدم السؤال عن أمرٍ آخر

 ، وإن سأله فهو في حِلٍّ من مُصاحبته ، فمرّوا بقريةٍ ، وطلبوا طعاماً ، فلم يُعطوهم ؛ لشدّة بُخلهم ، فوجدوا فيها جداراً على وشك الانهيار ، فأصلحه الخضر ، فأنكر عليه موسى ، فكان ذلك آخر العهد بين موسى والخضر ، وأخبره الخضر بلزوم المُفارَقة 

، وأخبره بأسباب أفعاله ؛ فبدأ بالسفينة التي عابها ؛ لِئلّا يأخذها الحاكم الظالم من أصحابها المساكين ،

 وقد كان يأخذ السُّفن الصالحة من أصحابها ، أمّا الغلام ، فقد كان سيغدو سبباً في شقاء أهله ، فأوحى الله إلى الخضر بقَتْله ، وانّه سيُبدل والدَيه بولدٍ خَيّرٍ ، أمّا الجدار ، فكان تحته كنزٌ مدفونٌ لغلامَين يتيمَين حفظه لهم والدهم الصالح ، فأصلحه حتى يكبرا ، ويستخرجا كنزهما ، فلا يأخذه أهل القرية 

، وأكّد الخضر على موسى أنّ أفعاله لم تكن من تلقاء نفسه ، وإنّما بوَحْيٍ من الله- تعالى-

.( ٢١) وقد قال- تعالى- في بيان ما سبق( قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا *

 قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا * فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا *

 قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا *

 فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا 

* فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا * قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا 

* أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا * وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا 

* وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا)

 

مكانة موسى عليه السلام نال نبيّ الله موسى-

 عليه السلام- مكانةً عظيمةً ؛ فهو أحد أُولي العزم من الرُّسل ؛ قال- تعالى-

( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) ،( ٢٤) وقد اختاره الله وفضّله على الناس في زمانه ؛ باختياره نبيّاً ؛ قال- عزّ وجلّ-( قالَ يا موسى إِنِّي اصطَفَيتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتي وَبِكَلامي فَخُذ ما آتَيتُكَ وَكُن مِنَ الشّاكِرينَ) 

،( ٢٥) كما أنّ له منزلةً عظيمةً عند الله- تعالى-

 ؛ إذ قال( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّـهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّـهِ وَجِيهًا) ،( ٢٦) وقد اصطفاه الله- تعالى- من بين الرُّسل ؛ بتكليمه إيّاه ؛ قال- تعالى-( وَكَلَّمَ اللَّـهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) ،( ٢٧) وقال( وَنادَيناهُ مِن جانِبِ الطّورِ الأَيمَنِ وَقَرَّبناهُ نَجِيًّا) ،( ٢٨) وقال أيضاً( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّـهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)

 

وكان موسى- عليه السلام- يملك من الحِكمة والعِلم الكثيرَ ؛ 

قال- عزّ وجلّ-( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين)

 ،( ٣١) وقد بلَّغَ رسالة الله ، وكتابه ، وأحكامه بكلّ إخلاصٍ ، وعَزمٍ ، وصَبرٍ ؛ قال- تعالى-

( وَكَتَبنا لَهُ فِي الأَلواحِ مِن كُلِّ شَيءٍ مَوعِظَةً وَتَفصيلًا لِكُلِّ شَيءٍ فَخُذها بِقُوَّةٍ وَأمُر قَومَكَ يَأخُذوا بِأَحسَنِها سَأُريكُم دارَ الفاسِقينَ) ،( ٣٢) وقال أيضاً( ثُمَّ آتَينا موسَى الكِتابَ تَمامًا عَلَى الَّذي أَحسَنَ وَتَفصيلًا لِكُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً لَعَلَّهُم بِلِقاءِ رَبِّهِم يُؤمِنونَ) ،

( ٣٣) كما رفعَ الله- تعالى- من شأن قوم موسى ، واختارهم ، وفضَّلَهم على مَن ظلمَهم ، ومَنَحهم عِزّةً ورِفعةً ؛ قال- تعالى

-( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) ،( ٣٤) ويَسَّر الله له عبداً صالحاً فطمأنه ، وزوَّجَه إحدى ابنَتيه ؛ قال- تعالى-(

 فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ،( ٣٥) وقال أيضاً( قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ) ،( ٣٦) وأيّد الله نبيّه موسى بالمعجزات ، ومنها إبطال سِحْر السَّحَرة ؛ قال- تعالى-( وَأَوحَينا إِلى موسى أَن أَلقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلقَفُ ما يَأفِكونَ

 

 

 

 

 


 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

19

متابعين

3

متابعهم

2

مقالات مشابة