مات زوجها فعوضها الله "خيرًا منه" .. ما قصتها؟

مات زوجها فعوضها الله "خيرًا منه" .. ما قصتها؟

0 المراجعات

ما قصة تلك المرأة التي فقدت زوجها ثم عوضها الله خيرا منه؟

بطلة تلك القصة امرأةٌ من الصحابيات اسمها هند بنت أبي أمية وكنيتها أم سلمة،
لقيت الصعاب والمشاق في سبيل الإسلام، فكانت إحدى المهاجرات -ومعلوم أن الهجرة من أصعب وأشق الرحلات إذ الهجرة كانت خوفا من العدو وخروجا بغير اختيار من الديار بما في ذلك ترك المال والضيعات-
كانت متزوجة برجل من خيار الصحابة كان معروفا بأبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، أحبَّا بعضهما البعض حبًا شديدا، فقد وردت رواية بإسناد صحيح عند ابن سعد في الطبقات(8/88)
 قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِأَبِي سَلَمَةَ: " بَلَغَنِي أَنَّهُ لَيْسَ امْرَأَةٌ يَمُوتُ زَوْجُهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ لَمْ تَزَوَّجْ بَعْدَهُ إِلَّا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ وَبَقِيَ الرَّجُلُ بَعْدَهَا. فَتَعَالَ أُعَاهِدْكَ أَلَّا تَتَزَوَّجَ بَعْدِي وَلَا أَتَزَوَّجَ بَعْدَكَ، قَالَ: أَتُطِيعِينِي؟ قُلْتُ: مَا اسْتَأْمَرْتُكَ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطِيعَكَ، قَالَ: فَإِذَا مُتُّ فَتَزَوَّجِي ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْ أُمَّ سَلَمَةَ بَعْدِي رَجُلًا خَيْرًا مِنِّي لَا يُحْزِنُهَا وَلَا يُؤْذِيهَا.

من شدة حبها لزوجها أنها أرادت منه أن يعاهدها على عهدٍ على ألا يتزوج أحدهما بعد موت الآخر، وفاءً له.
لكن الله أراد أن يظهر لها عظيم قدرته في العوض، فكان قَدَرُ الله عز وجل أن مات زوجها أبو سلمة في غزوة أحد، فأصابها الذهول مما وقع فقالت: من خيرٌ من أبي سلمة؟


كيف عوضها الله بعد موت زوجها؟

في لحظات تأمل من تلك المرأة الصالحة التقية النقية تذكرت حديثا كانت قد سمعته من زوجها أبي سلمة،
 فقد دخل عليها ذات يوم -وهذا قبل موته بسنوات-
 فقال لها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
 (إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيَقُلْ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَأَبْدِلْنِي مِنْهَا خَيْرًا)سنن الترمذي برقم(3511)

ولكنها كانت تتردد في هذا الكلام لِمَا أصابها من الصدمة والذهول بعد موت أحب الناس لقلبها، فكانت تتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول في نفسها: كيف يأتيني من هو خير من أبي سلمة؟ وهو الذي عاش معي السنوات الطوال في حب وود وألفة ورحمة؟

لكن الله سددها ووفقها لقول هذا الدعاء الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم،
 ولكنه ليس مجرد قول باللسان، بل كان مؤيدا بثقة عازمة صارمة من القلب، كانت تقول تلك الكلمات بقلب واثق موقن بالله جل وعلا -والثقة هي أصل الدعاء فمن دعا الله بثقة أجابه الله، وفي الحديث -لكنه بإسناد ضعيف- أنه صلى الله عليه وسلم قال: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
(أخرجه أحمد في المسند6655 وفي إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف في الحديث إذا تفرد)
 ولذلك انتبه أخي المسلم إلى دعائك وتضرعك لله، اجعله دعاءً من القلب فيه انكسار وافتقار وتذلل لله وليس مجرد كلمات منمَّقة بينما القلب غافل ساه.
يقول الرازي رحمه الله تعالى: (أجمعت الأمة على أن الدعاء اللساني الخالي عن الطلب النفساني قليل النفع عديم الأثر).

لقد قالت أم سلمة هذه الكلمات بعد طول مجاهدة للقلب ليقولها بثقة ويقين في قدرة االله، قالت كما في مسند أحمد(62635) «ثُمَّ عَزَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِي، فَقُلْتُهَا، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا».
 

وأخيرا جاء الفرج

وهنا فتح الله لها  باب الفرج لقولها الصادق الخاشع الصادر من قلب ذليل معترف بقدرة الله وعظمته، 
فيرسل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخطبها! يا الله ما أعظم قدرك وما أكبر تدبيرك!!
تصور معي أخي القارئ هذا التدبير، يرسل الله عز وجل لهذه المرأة أفضل أهل الأرض وأكرم الخلق عليه رسوله صلى الله عليه وسلم،
 ليس رجلا كسائر الرجال، إنه نبي رسول مبعوث من الله، إذا تزوج امرأة فقد نالت تلك المرأة كل الشرف والكرامة.

تعال أيها القارئ إلى نص كلامها تقول كما في مسند أحمد26/262
"فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَدْبُغُ إِهَابًا لِي، فَغَسَلْتُ يَدَيَّ مِنَ الْقَرَظِ وَأَذِنْتُ لَهُ، فَوَضَعْتُ لَهُ وِسَادَةَ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَقَعَدَ عَلَيْهَا فَخَطَبَنِي إِلَى نَفْسِي، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَقَالَتِهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بِي أَنْ لَا تَكُونَ بِكَ الرَّغْبَةُ فِيَّ، وَلَكِنِّي امْرَأَةٌ فِيَّ غَيْرَةٌ شَدِيدَةٌ فَأَخَافُ أَنْ تَرَى مِنِّي شَيْئًا يُعَذِّبُنِي اللَّهُ بِهِ، وَأَنَا امْرَأَةٌ قَدْ دَخَلْتُ فِي السِّنِّ، وَأَنَا ذَاتُ عِيَالٍ، فَقَالَ: «أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْغَيْرَةِ فَسَوْفَ يُذْهِبُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ السِّنِّ فَقَدْ أَصَابَنِي مِثْلُ الَّذِي أَصَابَكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْعِيَالِ فَإِنَّمَا عِيَالُكِ عِيَالِي» ، قَالَتْ: فَقَدْ سَلَّمْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَقَدْ أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِأَبِي سَلَمَةَ خَيْرًا مِنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

عقبات في الطريق

تأمل كيف كان ردها على رسول الله لما خطبها؟ كانت ترى أنها لا تصلح للزواج لأنها امرأة غيورة لا تستطيع الزواج من رسول الله الذي كان متزوجا بنساء أخريات فلا تقدر على أن تصبر على رؤية ضرائرها، والعقبة الثانية أنه كان لها أولاد من زوجها الأول فكانت تخشى أن تفرط في حق زوجها الجديد لانشغالها بأولادها،
 لكن كل هذه العقبات كان لها الحل عند رسول الله، ما هو الحل؟ اللجوء إلى الله. 
هكذا كان رسول الله يربي أصحابه وأزواجه على رفع الحاجات إلى الله، فالله قادر على تحويل التعاسة سعادة، والضيق سعة، والفقر غنى، والشدة خفة. (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44))فاطر

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

2

متابعين

2

متابعهم

1

مقالات مشابة