ضرب المراة من منظور الدين الحنيف

ضرب المراة من منظور الدين الحنيف

0 المراجعات

إن الضرب هو شكل من أشكال العنف ضد المرأة وقد ارتفعت نسبة وقوعه في الآونة الأخيرة ومن أسبابه:
ضعف الوعي الديني والثقافي، 
والجهل بأسس الحياة الزوجية من حقوق وواجبات وتفريغ الضغوط الخارجية التي يتعرض لها الزوج في زوجته والمبادئ التي تربّى عليها بعض 
الرجال منذ الصغر، كالتعود على العنف، وعدم احترام الآخرين، ويترك هذا الأمر آثاراً سلبية على المرأة وعلى الأسرة والمجتمع، منها : 

أنه يفقد المرأة الثقة بنفسها ويشعرها بالإحباط، والكآبة، وبالعجز، وبالإذلال، والمهانة، وعدم الثقة بالنفس، والاضطراب في الصحة النفسية، وعدم الشعور 
بالاطمئنان والسلام وغير قادرة على اتخاذ القرار ويؤدي الضرب إلى الطلاق والتفكك الأسري، واضطراب العلاقة بين أهل الزوج والزوجة.
ومن أهم الحلول لحماية المرأة من هذا الفعل هو الالتزام بتعاليم الإسلام، وتوضيح مقصد الشرع من الآيات والأحاديث التي ورد فيها ذكر
الضرب حتى لا تُستغل باسم الإسلام، وتأهيل المتزوجين وإكسابهم مهارات اتخاذ القرار وحلّ المشكلات، وإقامة الدورات التدريبية
للأزواج حول السيطرة على الانفعالات الجسدية والنفسية واللفظية، وتسخير وسائل الاتصال لتوعية الأسر وتبصيرها بأضرار الضرب ضد المرأة،
وتوضيح القوانين والعقوبات للرجال على مستخدمي الضرب ضدّ النساء، وتقديم الخدمات القانونية في سنّ القوانين لحماية المرأة
من العنف الأسري، ومتابعة تنفيذها ومحاربة السلوكيات الدخيلة على المجتمع
وعليه لا يمكن أن يُتصوَّر أن يأمر الله بالضرب لشريكة الحياة بمعنى الجلد 
لا يمكن أن يعني ضرب بالمعنى والمفهوم العامّي ،لأنّ ديناً بهذه الرِّفعة والرُّقي والعظمة (الدين الإسلامي) والذي لا يسمح بإيذاء قطة، لا يمكن أن يسمح بضرب وإيذاء وإهانة الأم والأخت والزوجة والإبنة.
قال تعالى
(( اللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً  كبِيراً )) 
نرى في هذه الآية عقوبة تواترية تصاعدية ، بالبداية تكون بالوعظ والكلام الحسن والنصح والإرشاد ، فإن لم يستجبن فيكون الهجر في المضاجع 
وهي طريقة العلاج الثانية ولها دلالتها النفسية والتربوية على المرأة ، والهجر هنا في داخل الغرفة.أما (واضربوهن) فهي ليست بالمدلول الفعلي للضرب باليد أو العصا ، لأن الضرب هنا هو المباعدة أو الابتعاد خارج بيت الزوجية.
ولما كانت معاني ألفاظ القرآن تُستخلص من القرآن نفسه ، فقد تتبعنا معاني كلمة (ضرب) في المصحف وفي صحيح لغة العرب ، فوجدنا أنها تعني في غالبها المفارقة والمباعدة والانفصال والتجاهل ، خلافاً للمعنى المتداول الآن لكلمة “ضرب” .فمثلا الضرب باستعمال عصا يستخدم لفظ (جلد) ، والضرب على الوجه يستخدم له لفظ (لطم) ، والضرب على القفا (صفع) والضرب بقبضة اليد (وكز) ، والضرب بالقدم (ركل).

وفي المعاجم وكتب اللغة والنحو لو تابعنا كلمة ضرب لوجدنا مثلاً في قول:(ضرب الدهر بين القوم) أي فرّق وباعد بينهم.

 و(ضرب عليه الحصار) أي عزله عن محيطه.و(ضرب عنقه ) أي فصلها عن جسده.فالضرب إذن يفيد المباعدة والانفصال والتجاهل.وهنالك آيات كثيرة في القرآن تتابع نفس المعنى للضرب أي المباعدة
وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى
اي أفرق لهم بين الماء طريقاً
فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
اي باعد بين جانبي الماء
لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ
اي مباعدة وسفر وهجرة إلى أرض الله الواسعة
وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ
اي يسافرون ويبتعدون عن ديارهم طلباً للرزق
فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ
اي فصل بينهم بسور
ويُقال في الأمثال (ضرب به عرض الحائط) اي أهمله وأعرض عنه
وذلك المعنى الأخير هو المقصود في الآية.أما الآية التي تحض على ضرب الزوجة 
“فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ” ، فهي تحض على الوعظ ثم الهجر في المضجع ، وإن لم يُجْدِ ذلك ولم ينفع ، فهنا (الضرب) بمعنى المباعدة والهجران والتجاهل ، وهو أمر يأخذ به العقلاء من المسلمين ، وأعتقد أنه سلاح للزوج والزوجة معاً في تقويم النفس والأسرة والتخلص من بعض العادات الضارة التي تهدد كيان الأسرة التي هي الأساس المتين لبناء المجتمع الإسلامي والإنساني.. ولدينا كلمات نمارسها ايضا ” كأضرب عن الطعام اي امتنع عنه وتركه ، والاضرابات في الجامعات او المعامل مثلا، فكل معناها هي ترك العمل او الدراسة او اهمالهما والله أعلم

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

6

متابعهم

1

مقالات مشابة