سماح يا "ماما سماح !"

سماح يا "ماما سماح !"

0 reviews

                                                                                                                                                      سماح يا "ماما سماح" !

 صحت "ياسمين" الصغيرة من نومها.. توضأت وصلت الصبح. وكان قد حان موعد الإفطار؛ فأخذت "ياسمين" مكانها على المائدة بين أسرتها، وسرعان ما تناولت طعامها، ثم حانت منها نظرة ذات مغزى لوالدها؛ الذي اتسعت ابتسامته ولم يلبث أن دسّ يده في جيبه، وأخرج مصروفها، وناولها إياه.. وسرعان ما تنطلق "ياسمين" إلى الشارع؛ كعادتها كل صباح. وتتوقف لحظة، وتسأل نفسها:

ـ ماذا أشتري ؟!.. 

 ولا تُجيب "ياسمين" على سؤالها، وتهرول إلى أقرب بائع، وتشتري منه بكل مصروفها !.. كل ما يهمّها؛ أن تُبدّد مصروفها، أو تتخلص منه !.. 

 كانت "ياسمين" على النقيض من أخويها "عمر" و "سارّة"؛ إذ كانا لا يُضيّعا كل مصروفهما، ولكن كانا يصرفان جزءا منه، ويدّخران الباقي كل في حصّالته. كان ما يوفّرانه يزيد يوما بعد يوم؛ حين كانت حضّالة "ياسمين" فارغة تماما !.. وكانت "ياسمين" تقول في نفسها:

ـ لماذا أدّخر من مصروفي، أو أقتطع منه جزءا، وأحرمُ نفسي من شراء الحلوى و"الشيكولاتة" ؟.. أمّا اللُّعَب والعرائس والدُّمَى؛ فلا داعي أن أشتريها من مصروفي..

 ثم تبتسم وتستطرد في حديثها لنفسها"

ـ إنّ أخويَّ يشتريان اللُّعب كل حين، ويمكنني أن أشاركهما الألعاب و.. واشتري بمصروفي: "بونبون" أو "ملبّس".. ما ألذّهما !.. إنني أحبها كثيرا !..

 وذات يوم سألتها أمها:

ـ ماذا تشترين يا "ياسمين" عندما تمتلئ حصالتك ؟..

 كان السؤال مفاجئا لـ "ياسمين"، فلم تكن تتوقع أن تسألها أمها مثل هذا السؤال !.. عندئذ احمرّ وجهها خجلا، وارتبكت و.. مع ذلك أسعفها تفكيرها، وردّت على أمها؛ قائلة:

ـ سأشتري أشياء كثيرة.. سأشتري دُمية لأوفّر على أبي ثمنها !..

 وكانت أمها تصدّقها؛ بل وتخبر أباها؛ الذي يُزيد من مصروفها.. ثم يوجّه كلامه للجميع: 

ـ الأولاد والبنات العقلاء؛ هم الذين يدّخرون ما يزيد عن حاجتهم؛ فقد ينفع في وقت الشدة..

 وسرعان ما كانت تنسى "ياسمين" نصيحة والدها !.. ومع ذلك سألت نفسها ذات مرة:

ـ ماذا لو عرف أبي وأمي؛ أنني أصرف كل مصروفي، ولا أدخر شيئا ؟.. سيكون موقفي في منتهى الحرج.. أجل و.. ولكن..

 ولكن "ياسمين" طمأنت نفسها؛ بأن أبويها لن يعرفا شيئا عن ذلك، وزيادة في الحرص؛ وضعت الحصالة داخل درجها، وأغلقته بالمفتاح !.. ثم علتها ابتسامة شقية !..

 ذات يوم؛ رأت "ياسمين" ما يثير العجب؛ فحين صحت من نومها رأت أمها وأخويها يروحون ويغدون على غير العادة !.. والكل مشغول بالإعداد لأمر ما

استغربت "ياسمين"، ومع ذلك فكرت أن تسأل أمها عن مصروف اليوم، ولكنها كانت مشغولة للغاية.. جعلت "ياسمين" تسائل نفسها:

ـ ما الأمر يا تُرى ؟!.. 

 وتسأل أختها "سارّة"؛ فتردّ عليها ببساطة قائلة: 

ـ اليوم "عيد الأم".. 

ـ الله !.. ما أجمل هذه المناسبة !..

 لقد سُرّت الصغيرة "ياسمين" كثيرا؛ لأن مصروفها اليوم سيكون أضعاف نظرا لهذه المناسبة السعيدة !..

 وبعد العشاء؛ رأت "ياسمين" أختها الكبرى وولديها؛ الذين أتوْا لزيارتهم..

وقد لمحت ما بأيديهم؛ فكل يحمل "هدية" !.. 

 كان الجوّ تملؤه الفرحة والسرور، والابتسامات تتألق في الوجوه، والأضواء تتلألأ في البهو الكبير.. وأنشد الجميع أنشودة الأم؛ حتي الأب أنشد لأمّ أولاده ولا بد أنه تذكر أمه رحمها الله؛ إذ أشاح بوجهه ليُداري دموعه، ودعا لها بالرحمة.. وبعدئذ تناولوا الحلوى والمشروبات، ثم قام كل منهم ليُقدّم هديته للأم والجدة؛ نجم الحفل، ويطبع قبلة فوق جبينها، والأم تمطر الجميع بالقبلات.. وكل يردد الدعاء المبارك:

ـ كل سنة وأنت طيبة يا أمي، والعُقبَى لمائة سنة.. 

 كانت مفاجأة كبيرة لـ "ياسمين" !.. إنها لم تشتر هدية لأمها؛ فماذا تقدم لها في يوم عيدها ؟!.. وقفت تتلفت يمينا وشمالا و.. وتنظر إلى يديها إنهما خاويتان كحصالتها !,, راحت تنقل بصرها بين الجميع والفرحة تتألق في محيّاهم.. شعرت "ياسمين" بالارتباك والخجل.. وموقفها الحَرِج، وقالت في نفسها:

ـ ماذا أفعل ؟!.. كل قدّم هديته لأمي؛ إلا أنا.. الجميع قدّم الهدايا لأمي، وأنا لم أقدّم لها شيئا لأني.. لأني لم أشتر هدية، وكيف أشتري هدية وليس معي نقودا و.. وحصالتي فارغة خاوية ؟!.. يا له من موقف غاية في الحرج !..

 كانت "ياسمين" تحدث نفسها؛ حين كانت أمها ترقبها، وابتسامة مُشفقة تلوح في محيّاها.. رفعت "ياسمين" رأسها؛ فالتقت عيناها بعينيّ أمها.. طالت النظرة بينهما.. طفرت الدموع من عيني "ياسمين"؛ فانمحت الابتسامة من محيّا الأم و.. نادت عليها.. لم تذهب إليها، وإنما أطلقت ساقيها إلى حيث حجرتها !، ولفت ذلك نظر الجميع ممّ أثار دهشتهم.. وقامت الأم من فورها حيث ذهبت "ياسمين".. انفطر قلب الأم حين سمعت بكاءها ونحيبها.. تسألها عن السبب؛ فتردّ "ياسمين" قائلة:

ـ إنني لم أقدّم لك هدية يا أمي الحبيبة.. 

 قالت الأم في حنان:

ـ بالطبع لم تتذكري.. غدا تشترين الهدية وتقدّمينها إليّ.. 

 وقالت "ياسمين" من بين بكائها:

ـ كيف وحصالتي فارغة ؟!.. لم أدّخر شيئا، واشتريت بمصروفي "بونبون وشيكولاته و..".. سماح يا ماما "سماح" !..

 هزت الأم رأسها وعانقتها قائلة:

ـ يكفي أن أرى ابتسامتك؛ فهي أجمل وأغلى من كل هدايا الدنيا..

 وفي اليوم التالي؛ أخذت "ياسمين" مصروفها، ولم تغادر البيت؛ بل سعت إلى حجرتها، ودسّته في حصالتها، وكانت تترقب يوم عيد الأم التالي.. وقد سطرت تاريخه في ذاكرتها !.

ـ ما الدروس المستفادة من هذه القصة ؟

ـ لماذا كرّم الله تعالى الأم ؟

ـ من أشهر الأمهات 

                                                                                                                                                              تمت 

                                                                                                                                                                                                                                                                  حمدي عمارة       

 

       

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

19

followers

181

followings

1

similar articles