سيبقى خالد في الصميم(الجزء الثالث)

سيبقى خالد في الصميم(الجزء الثالث)

0 reviews

البحث عن عمل جديد

لم يكن من السهل أبداً ان اتخذ قرار ترك العمل عند عمي أبا رياض بهذه البساطة.

أولاً :لحاجتي للمال كي استطيع تدبر أموري ودفع أجرة السكن

ثانياً : عمي أبا رياض كان يعتمد علي بشكل كبير ويوليني ثقة كبيرة وهذه المعاملة كانت كفيلة بأن تجعلني اتمسك به ولا استغني عنه بسهولة..فقررت استشارة نجيب

وفعلاً ذهبت لبيت نجيب وشاورته بالأمر، وعندما طرحت له الأسباب التي جعلتني افكر بترك البقالية ، تنهد منزعجاً والتزم الصمت …

عساه يرغب بأن يخفف عني ألمي لكن لم تسعفه الكلمات فالتزم الصمت…

عساه يريدني ان  اتراجع عن قراري لكن لم يجد كلاماً وافياً فالتزم الصمت…

عساه انزعج من تصرفات الناس التي تخلو من اللباقة والاحساس بالأخرين فالتزم الصمت…

عساه شعر بالشفقة علي…فالتزم الصمت..

وبعد وهلة من السكوت المقيت طبطب على يدي وقال لي لاتحزن سنسعى بعمل أفضل وابتسم لي ولمعت عيناي شكراً له فابتسمت..

ذهبت لدكان عمي أبا رياض وصارحته بما يجول بخاطري فما كان له إلا القبول مع عبارات التمني بالتوفيق والرزق وقلت له بأني ريثما أجد عمل أخر سأترك المكان كي يتدبر أمره ولأنني لا استطيع البقاء بدون عمل فوافق ولم يعترض.

بدأت فعلاً بنشر اخبار لدى أصدقائي ومعارفي بأنني بحاجة عمل لعل وعسى أحصل على عمل  مريح نفسياً حتى لو لم يكن مريح جسدياً لامشكلة لدي فجسدي اعتاد التعب لكن قلبي لم يعد يحتمل…

وبينما كنت أحتسي الشاي بالغرفة لوحدي واسرح في تفكيري ….افكر بأبي ماذا عساه يفعل بغيابي ! هل يشتاق لي ؟ هل يتمنى عودتي!؟ انا اشتقت له كثيراً وأشعر بضعف اشتياقي عندما أكون في أزمة فأبي دائماً كان يقف معي بأزماتي ويدعمني وبدونه أسعر بالعجز عن التفكير السليم باتخاذ القرارات ..

قاطع افكاري دخول أحمد للغرفة بسرعة والركض للمدفئة وهو يرتجف ومبلل بماء المطر… وبعد ان غير ملابسه وتدفئ جيداً قمت بتسخين الشاي ودعوته ليشربه معي

جلس أمامي ونظر إلي قائلاً : ألم تجد عمل بعد؟ جاوبته بالنفي ..فقال لي تعال واعمل معي ..جاوبته باستغراب هل تعمل ؟فهو يدرس علوم سياسية وعلى حد علمي متفرغ للدراسة ولايملك عمل… 

ضحك وقال لي نعم املك عمل لكن ياصديقي ليس من الصواب البوح بكل شيئ وأتمنى منك أن لاتخبر الأخرين وان تجهز نفسك غداً كي أخذك معي لترى إن كان العمل يناسبك…

وفي صباح اليوم التالي ذهبت مع احمد وانا في حيرة من أمري فلم يخبرني شيئ عن العمل ابداً إلا ان وصلنا لمكب النفايات …فنظرت إليه متفاجئاً… هنا العمل ؟!!! 

كنت مصدوماً جداً فلم اتوقع أن يعمل أحمد بمكب النفايات خاصة وأنه يبدو غنياً جداً  ولم يكن يظهر لنا حاجته للعمل ابداً بل دائماً يقول أن خاله بالخليج يرسل له المال وأنه يستطيع أن يستأجر بيت كامل بدل سرير بغرفة شباب لكنه اجتماعي ويحب الحياة المشتركة …

عندما رأى اندهاشي قال لي هدأ من روعك…نعم هنا العمل …

ولاتحسبه أيا عمل فهو مربح جداً ويمكنك ان تخفيه كما اخفيته انا عنكم وكذبت عليكم بقصة خالي الذي يعمل بالخليج…فالمال الذي أجنيه كله من هذا العمل الذي لايعجبك..

وتابع قائلاً وانا انظر إليه وعيناي محدقتان من الصدمة وأنصت باستغراب ..عملنا هو فرز القمامة واستخراج البلاستيك والحديد وهناك معاش ثابت ويوجد زيادات في حال استخراج كميات أكثر من المعتاد فماذا تريد أفضل من ذلك يجب ان تكون سعيداً .. راتب وزيادات وروائح منعشة وبدأ بالضحك فضحكت معه من هذه الطرفة الساخرة…

فعلاً ماذا أريد أفضل من ذلك ..على الأقل هنا لا أحد يخاف مني ولا اتعرض لمواقف بشعة ..أما بالنسبة للروائح النتنة فلم تكن أقل من نتانة البشر عندما يتصرفون ببشاعة دون مراعاة مشاعر الأخرين ..فقد اعتدت القرف والوساخة ..ليس هناك من جديد…

يتبع

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

8

followers

9

followings

22

similar articles