بحث شامل عن الفرد و المواطنه

بحث شامل عن الفرد و المواطنه

0 reviews

بحث شامل عن الفرد والمواطنة
مقدمة
الفرد هو أساس البناء. كل بناء أو منظومة يتكون من ذرات ووحدات مستقلة بذاتها، تسخر طاقاتها وإمكانياتها الحيوية لتحقيق الجمال والكمال، والتكامل مع الذرات والوحدات الأخرى في جزيئة أو مركب أو منظومة أو بناء أو مجتمع أو مؤسسة، قائمة على التنسيق والتعاون والاتفاق. والمواطنة كفكرة اجتماعية وقانونية وسياسية ساهمت في تطور المجتمع الإنساني بشكل كبير بجانب الرقي بالدولة إلى المساواة والعدل والإنصاف، وإلى الديمقراطية والشفافية، وإلى الشراكة وضمان الحقوق والواجبات.

المبحث الأول: مفهوم الفرد والمواطنة
المطلب الأول: تعريف الفرد لغويا
- ظهر الفردُ في اللُّغةِ العربيّة القديمة بمعنى الوَتر، والجمعُ أفراد وفُرادى، والفردُ نصف الزوج لا نظيرَ له.
- وردت في لسان العرب لابنِ منظور كلِمة تفرُّد بمعنى العُزلةُ والانفراد. الفردُ اصطلاحاً فهو الإنسان الأحادي. أمّا في معجم لالاند، فالفردُ هو الكائن الّذي يعيشُ بذاته ويتّسمُ بمثل هذا التمركز وهذا التناسُق الوظيفي بحيثُ لا يُمكنُ تقسيمهُ دون تحطيمه.
- كلمة الفرد حسب القواميس العربية، معتمدًا على موسوعة (لسان العرب) و(الوافي معجم وسيط اللغة العربية)، فيقول:
لقد ظهر الفرد في اللغة العربية الكلاسيكية بمعنى “الوتر، والجمع أفرادًا وفرادى، والفرد نصف الزوج ولا نظير له. وتأتي كلمة تفرّد بمعنى انعزل وتميز عن غيره” والفرد “هو المتفرد والمتميز عن القطيع أو الجماعة، فنقول أفرد زيد بالأمر تفرد به، وتفرد بالأمر أي كان فيه فردًا لا نظير له”. وشكل الفرد بوصفه اصطلاحًا إنسان أحادي منفرد، ويحوي هذا المفهوم معنى آخر، هو الكلية التي لا يمكن تجزئتها إلى مكوّن أصغر.
المطلب الثاني: تعريف الفرد اصطلاحًا:
أما الفرد على وفق المنظور الأنثرو-سوسيولوجي ؛ فيُعرف بشكل عام في هذا المجال استنادًا إلى علاقته بالمجتمع والجماعة، أو بوصفه الوحدة المرجعية الأساسية، سواء إليه بالذات أو بالنسبة إلى المجتمع.
ويشرح ذلك قائلًا: بمعنى آخر، إنه يعيد إنتاج نفسه على مستوى الذات والموضوع والعلاقة مع الآخر المجتمعي، استنادًا إلى قراراته الذاتية، وبالتالي هو يصنع مصيره الخاص وفقًا لتلك القرارات والأفعال والعلاقات التي يمدها مع وحدات المجتمع الأخرى، إنه قادر على بيان مصيره الخاص، وفقًا إلى قدرته المتمايزة على تغير عوالمه الذاتية ومن ثم إعادة تشكيل العالم.

المطلب الثالث: تعريف المواطنة لغويا
- ورد في لسان العرب بأن مفهوم الوطن لغة يشير إلى المنزل يقيم فيه الإنسان، فهو وطنه ومحله.
- المواطنة والمواطن مأخوذة في العربية من الوطن : المنزل تقيم به وهو ” موطن الإنسان ومحله” ، وطن يطن وطناً : أقام به ، وطن البلد : اتخذه وطناً ، توطن البلد : أتخذه وطناً ، وجمع الوطن أوطان : منزل إقامة الإنسان ولد فيه أم لم يولد ، وتوطنت نفسه على الأمر : حملت عليه ، والمواطن جمع موطن : هو الوطن أو المشهد من مشاهد الحرب، قال الله تعالى: ” لقد نصركم الله في مواطن كثيرة …” ،والمواطن : الذي نشأ في وطن ما أو أقام فيه . وأوطن الأرض : وطنها واستوطنها ، و اتطنها أي أتخذها وطنا ً ومواطنة : مصدر الفعل واطن بمعنى شارك في المكان إقامة ومولداً لأن الفعل على وزن (فاعل ).
- أما في اليونان القديمة فتصنف بأنها حقٌ من حقوق الإنسان المدنية، وهذا ما أدى إلى اشتقاق اسمها في اليونانية، والإنجليزية، والفرنسية من كلمة City أي المدينة،

المطلب الرابع: تعريف المواطنة اصطلاحاً
- صفةٌ يتميز بها الأفراد الذين يعيشون على أرضِ دولةٍ ما، وبموجبها يحصلون على العديد من الامتيازات بصفتهم مواطنين في دولتهم. من تعريفات المواطن أيضاً حصول الأشخاص على مجموعةٍ من الحقوق العامة التي تضمن لهم العيش بحياةٍ كريمةٍ في دولتهم، والتي تحافظ على توفير هذه الحقوق لهم، ومن أهمها: الحق في التعليم، والحق في العمل، والحق في المشاركة في الحياة السياسية، كالترشح للمناصب السياسية، والحصول على حق الانتخاب، والتصويت، كما أنها تضمن للمواطنين التمتع بالحريات الفردية التي يكفلها دستور الدولة كحُرية الاعتقاد الديني

المبحث الثاني: تطور مفهوم الفرد 
يقول الدكتور علاء جواد في كتابه تطور مفهوم الفرد: 
تاريخيًا، فقد كان الإنسان مرتبطًا بالجماعة، سواء كانت القبيلة أو الفصيلة أو غيرها:
وتميز الدراسات الأنثروبولوجية حقيقة أن الكائنات الإنسانية تولد وهي تنتمي إلى عوائل محددة، وطوائف وعشائر وجماعات دينية، وإلى المجتمع الأوسع. أما في المجتمعات القبيلية، كانت منزلتهم الاجتماعية تحدد هويتهم بحيث يعرفون أنفسهم ويعرفهم الآخرون بأنهم أبناء فلان وبناته. وأفراد تلك الطائفة المعينة، أو المقيمين في قرية بذاتها، أو أتباع دين بعينه. ونادرًا ما كانوا يرون أنفسهم كأشخاص فريدين لديهم حياتهم الخاصة وأهدافهم الشخصية.
أما عن بداية ظهور مصطلح الفرد فيقول:
من هنا، إن الغرب وبالتحديد أثينا وروما هما بالتحديد أول المدن التي شهدت انبثاق فكرة الفرد أو الشخص، بالرغم من أن منزلتهم الاجتماعية كانت تعني الكثير لهم، وتحدد جزءًا من هويتهم، فقد رأى الأفراد أيضًا أنفسهم كأشخاص فريدين، يتمتعون بجزء من الحياة الخاصة بهم، وما كانوا فيه عرضة لمساءلة أحد.
ويعقب قائلًا موضحًا:
لكن هناك مسألة أساسية جدًا يجب ملاحظتها بتروي، تلك هي أن الفرد بوصفه كائنًا بيولوجيا كان موجودًا على الدوام. أما الفرد بوصفه انكشافًا ذاتيًا، فتلك قضية مرتبطة إلى حد كبير بمسائل ومظاهر الحداثة الاجتماعية التي رافقت الانفتاح الاقتصادي منذ القرن الثامن عشر، وهذا على الأقل رأي (دو توكفيل) الذي دعمه كثيرًا (بيكو بارك) في تحليله أن الحداثة كانت قد أشرت انبثاق تصور جديد عن الشخص، وهو يدعم أهمية فكرة الحداثة ويجعلها الأساس الذي تنبثق عنه فكرة الفرد أو الشخص أو الذات. لقد أشرت الحداثة انبثاق فكرة الفرد، التي دمرت كثيرًا من المؤسسات الاجتماعية التقليدية، وحولت غيرها تحويلًا جذريًا، وحررت الرجال والنساء لاحقًا من الهويات الموروثة أو النسبية، وعرفتهم بأنهم أفرادًا أحرارًا يمتلكون قرارة أنفسهم، ويرغبون في اتخاذ خياراتهم، ويشكلون حياتهم، ويكونون علاقاتهم من الآخرين.
ويقول بعد ذلك عن الفردية أو الفرادة، بمعنى التميز الفردي:
أما الفردية أو الفرادة كفكرة أو كلمة جديدة فهي تشير بالدرجة الأساس إلى ما يميز الأفراد ويفرزهم عن الآخرين. وهي لا تنطوي على الكثير من السمات الطبيعية التي يشترك بها الجميع في الولادة بقدر ما تنطوي على إنجازاتهم العقلية والأخلاقية الفريدة، ونوع الشخص الذي صاغوا به أنفسهم، وفكرة الفردنة لها تأريخها الخاص. […] لقد كتب (لويس دمون) : “إن الفردانية هي القيمة الأساسية للمجتمعات الحديثة”، وكتب أيضًا: “ما إن يطرح على هذا الأساس التعارض بين النزعة الفردانية والفيضية فجأة، كل عودة مزعومة إلى الفيضية على صعيد الأمة الحديثة تظهر بوصفها مشروع كذب وقمع .. الواقع أن الشمولية تعبر بطريقة درامية عن شيء ما نلقاه دومًا ومن جديد في العالم المعاصر، هو أن الفردانية كلية القدرة من جهة، ومسكونة باستمرار، وبصورة نهائية، بضدها  من جهة أخرى”.
ثم يذكر رأي (دوركايم) عن الفردية:
يفضل (دوركايم) استعمال مفهوم الأنانية على مفهوم الفردية، على الرغم من أن المفهومين لا يتطابقان، فإنهما مترابطان بقوة الواحد مع الآخر في تحليلاته. ويؤشر (دوركايم) في كتابه (الانتحار) على مجموعة من المعايير التي نلخصها هنا حول بروز ظاهرة الفردية وفق (دوركايم) على الشكل الآتي:
معيار (١) تظهر الفردية متلازمة مع زعزعة المعتقدات التقليدية. لكن تطور الفردية لا يتعلق فقط بالمتغيرات الثقافية.
معيار (٢) إنه نتيجة لدرجة اندماج المجموعات الاجتماعية التي يشكل الفرد جزءًا منها.
معيار (٣) تميل الفردية إلى النمو في المجتمعات الحديثة.
يعود بعد ذلك إلى تأريخ الفكرة وتطورها، فيستشهد بالفيلسوف (إيريك فروم) في مقولته:
“إن التاريخ الأوروبي والأمريكي مند نهاية العصور الوسطى هو تاريخ ظهور الفرد الكامل […] ولكن على حين أن الفرد قد نما في وجوه عديدة، فقد نما انفعاليًا وعقليًا وهو يشارك في منجزات ثقافية إلى حد غير مسموع به من قبل”
يوضح ذلك، فيقول:
لقد اختفى الفرد في مجتمع العصور الوسطى لأنها كانت -كما يخبرنا (كافيين)-
لقد اختفى الفرد في مجتمع العصور الوسطى لأنها كانت -كما يخبرنا (كافيين)- 
مجتمعات مقسمة إلى طبقات شديدة التنظيم والاستقرار والثبات، مرورًا إلى طبقات تتصف بالانغلاق المطلق على نفسها، وهذا يعني أن الفرد كان عاجزًا تقريبًا عن شق طريقه من طبقة إلى أخرى. ومن ثم كانت نظرة الفرد إلى نفسه في المحل الأول هي أنه عضو في طبقة مغلقة أو مهنة ومن ثم إن هويته الأساسية تتشكل تبعًا على ذلك. […] وبما أن الأفراد يستمدون هويتهم من الجماعات التي يولدون ويموتون بين ظهرانيها، فقد تركزت آمالهم ومطامحهم على الجماعة لا على أنفسهم ويترتب على ذلك أنهم كانوا ينعمون بشعور الانتماء والأمن أكبر بكثير مما يشعر به أفراد العصر الحديث. ويفسر (فروم) هذه الحالة وفق التالي: “إن ما يميز مجتمع القرون الوسطى في تباينه عن المجتمع الحديث هو انعدام الحرية الفردية. فقد كان الفرد في تلك الفترة الباكرة مقيدًا بدوره في النظام الاجتماعي. وكانت لدى المرء فرصة ضئيلة للانتقال اجتماعيًا من طبقة إلى طبقة أخرى، ويكاد لا يكون في مقدوره حتى أن ينتقل جغرافيًا من مدينة إلى أخرى أو من بلد إلى آخر. فكان عليه أن يبقى حيث وُلد مع استثناءات قليلة”.
ينتقل بعد ذلك إلى عصر النهضة، والتطور الكبير في تطبيق مفهوم الفردية، فيقول:
لقد ابتدأنا بمناقشة عصر النهضة لأن هذا العصر هو فعلًا بداية الفرد الحديث الذي تحول في عصر (جان جاك روسو) وتوج الفرد ملكًا على نفسه وعلى العالم. […] إن المسلمات الفردية لعصر الرومانسية من (روسو) إلى منتصف القرن التاسع عشر التي شكلت ذخيرة من الصور والأفكار التي أصبحت منذ ذلك الحين جوهر النزعة والفكرة الفردية، هي بعينها مسلمات (أميرسون) في مقاله ؛ الاعتماد على الذات “إن إيمانك برأيك واعتقادك بأن ما تعتقد به في صميم فؤادك أنه حق هو عند الناس جميعًا، لهو عبقرية بعينها، فلتثق بنفسك فإن الأفئدة لتهتز لهذا الوتر العنيد”.
شهدت هذه المرحلة تطورًا في مفهوم الفرد، ويذيّل فكرته

باستشهاد آخر من (كافيين):
بعد هذه المرحلة شهدت مقولة [الفرد] منتصف القرن التاسع عشر تطورًا وانتشارًا سريعًا، “فالعبقري، والبطل والرافض والفنان والمفكر والرائد والمخترع إنما هي من بنات خيال القرن التاسع عشر. إنه القرن الذي أظهر أهمية الخيال والإبداع والشخصية والتعبير عن الذات والأحلام واللاشعور والوعي بالذات في الثقافة الأوروبية والأمريكية”
.هذا التغيير شهد بعد فترة ما تحولًا  سلبيًا لم يكن في الحسبان:
لكن ظهور هذا النوع من الاستقلال الذاتي كان مشوبًا بالكثير من القلق، ورافقته الكثير من الأزمات التي ربما أطاحت به من جديد مع ظهور المجتمعات الصناعية في مراحلها التكنولوجية، ومن ثم نشوب الحرب العالمية الثانية التي شكلت تدهورًا دراميتيكيًا للفكرة الإنسانية برمتها، وبموازاتها تحطمت من جديد الأسس الغضة، حديثة العهد للفردانية. فلقد ظهرت مع تقادم التطور الرأسمالي للعمل وتطور الآلة، انتكاسة أخرى للفرد المختلف والمتمايز. لقد سحق المجتمع الصناعي الفردَ نهائيًا. وأصبح الأمر على النحو التالي ؛ لقد زادت الآلة والتنظيم الصناعي الصارم في المجتمع الرأسمالي من قدرة العامل على إنجاز عمله بدقة وسرعة بدت في تزايد مطرد، لكن المشكلة بحسب عالم الاجتماع الاقتصادي (ثورشتاين فيبلن) تكمن أن عمل الآلة بدأ السيطرة على العمل ويهمن على مقدراته.
يشرح بعد ذلك الأزمة الحاصلة للفرد في ظل الآلة، يقول:
وهذا يعكس الأزمة الجديدة التي يعانيها الفرد في المجتمعات الحديثة القائمة على الصناعة المتقدمة، فالمصنع الحديث وأنماط العمل فيه التي ترتكز على الآلات لا يشجع العمال على التعبير عن مقدرتهم على الخلق، وهو ما كانت تقوم به الآلات والأدوات البسيطة في أنظمة العمل التقليدية، وإنما يتطلب انتباهًا دائمًا وتفكيرًا آليًا ومسايرة لما هو موجود. لقد أصبحت مهمة العامل مسارة الآلة والانقياد المطلق لمتطلباتها ما يؤدي إلى تنميط الحياة الذهنية للعامل في إطار العملية الآلية التي تزداد إحكامًا وثباتًا كلما زاد شمول وكمال العملية الصناعية التي يلعب فيها دورًا.
كل ذلك أنتج شكلًا جديدًا للفرد:
إن هذه التحولات الاجتماعية أنتجت نمط [الإنسان المعذب]. المأزوم الذي نجم بلا شك عن حقيقة جديرة بالفحص والدراسة، وهي أن نجاح الأنظمة الرأسمالية الحديثة كان قد حطم الأمان التقليدي الذي كانت تتمتع به الأسرة والقرية والطائفة الحرفية والكنسية في المجتمع التقليدي.وكان بعد ذلك التحول الحديث للمفهوم:
لكن بعد التسعينيات سنشهد مجددًا انبثاق صورة أخرى عن الفرد، لا هي صورة الفرد التي تحدث عنها (ليبوفتسكي): المؤطرة بالمتعية الأنانية، والمظهرة للفرد على أنه الأناني المنطوي على نفسه، ولا هي صورة الذات المريدية، التي تستثمر حياتها، ثمت صيغة أخرى فرضت نفسها، أكثر تمزقًا، وقلقًا وانفجارًا وعذابًا. إنها صورة الفرد غير الأكيد من نفسه، الحائر الذي وصفه (آلان اهرنبورغ) قائلًا: “يبدو أن الفرد المتألم قد أخذ مكان الفرد المنتصر”.

المبحث الثالث : خصائص الفرد 
لا يمكن فهم اداء الافراد من دون معرفة الخصائص الفردية التي تؤثر على السلوك والأداء. لذلك لابد من توضيح بعض هذه الخصائص منها:
· الدافعية (وهي القوة النفسية الدافعة للسلوك).
· الشخصية (وهي مجموعة الأوجه العديدة التي تشكل الفرد). 
· الإدراك (وهو المعالجة الانتقائية للمعلومات التي تفضي إلى سلوك قصير المدى).
· التعلم (وهو تعديل السلوك بصورة مستمرة ولمدى طويل). 
· الرضا الوظيفي(وهو الاتجاهات التي يكونها الفرد نحو عمله). 
وتلعب القدرة (مقدرات الأداء الثابتة أو المحتملة) دورا في تكييف هذه الخصائص، وتشترك الخصائص الخمس في أنها تؤثر كلها على السلوك والأداء، وتعيش جميعها في العقل البشري. وبذلك تكون غير محسوسة أو قابلة للملاحظة المباشرة.

المبحث الرابع: مقومات المواطنة:
من خلال ما تقدم يتبين أن )المواطنة( ليست وضعية جاهزة يمكن تجليها بصورة آلية عندما تتحقق الرغبة في ذلك، وإنما هي سيرورة تاريخية، ودينامية مستمرة، وسلوك يكتسب عندما تتهيأ له الظروف الملائمة، وهي ممارسة في ظل مجموعة من المبادئ والقواعد، وفي إطار مؤسسات وآليات تضمن ترجمة مفهوم المواطنة على أرض الواقع؛ وإذا كان من الطبيعي أن تختلف نسبيا هذه المتطلبات من دولة إلى أخرى، ومن زمن إلى آخر بسبب اختلاف الثقافات والحضارات، والعقائد والقيم، ومستوى النضج السياسي، فإنه لابد من توفر مجموعة من المقومات الأساسية المشتركة، ووجود حد أدنى من الشروط التي يتجلى من خلالها مفهوم المواطنة في الحياة اليومية للمواطنين، وفي علاقاتهم بغيرهم، وبمحيطهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
وفيما يلي نشير إلى أهم المقومات والشروط التي لا مجال للحديث عن المواطنة في غيابها:
المطلب الأول: المساواة وتكافؤ الفرص:
لا تتحقق المواطنة إلا بتساوي جميع المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات، وتتاح أمام الجميع نفس الفرص، ويعني ذلك التساوي أمام القانون الذي هو المرجع الوحيد في تحديد تلك الحقوق والواجبات، وإذا كان التساكن والتعايش والشراكة والتعاون من العناصر الأساسية التي يفترض توفرها بين المشتركين في الانتماء لنفس الوطن، فإنها تهتز وتختل في حالة عدم احترام مبدأ المساواة، مما يؤدي إلى تهديد الاستقرار، لأن كل من يشعر بالحيف، أو الحرمان دون حق مما يتاح لغيره، وتنغلق في وجهه أبواب الإنصاف، يصبح متمردا على قيم المواطنة، ويكون بمثابة قنبلة موقوتة قابلة للانفجار بشكل من الأشكال.
والوطن الذي تتعدد أصول مواطنيه العرقية، وعقائدهم الدينية، وانتماءاتهم الثقافية والسياسية، لا يمكن ضمان وحدته واستقراره إلا على أساس مبدأ المواطنة الذي يرتكز على منظومة قانونية وسياسية واجتماعية وأخلاقية متكاملة، والمساواة كمقوم رئيسي للمواطنة، تعني أنه لا مجال للتمييز بين المواطنين على أساس الجنس، أو اللون، أو الأصل العرقي، أو المعتقد الديني، أو القناعات الفكرية، أو الانتماء والنشاط السياسي والنقابي والجمعوي، واختلاف الفئات وصفاتها وانتماءاتها لا يجعل أيا منها أكثر حظا من غيرها في الحصول على المكاسب والامتيازات، كما لا يكون سببا في انتقاص الحقوق، أو مبررا للإقصاء والتهميش، وحسن تدبير الاختلاف والتعدد لا يتم إلا في إطار المواطنة التي تضمن حقوق الجميع، وتتيح لكل المواطنين والمواطنات القيام بواجباتهم وتحمل المسؤوليات في وطنهم على أسس متكافئة، وإرساء مبدأ المواطنة في منظومة الروابط والعلاقات التي تجمع بين أبناء الوطن الواحد وبينهم وبين مؤسسات الدولة، لا يمكن أن يقوم على إلغاء الصفات والانتماءات والمعتقدات وغيرها من خصوصيات بعض الفئات، وإنما يقوم على احترامها، وإتاحة أمامها فرص المشاركة في إغناء الوطن وتنمية رصيده الثقافي والحضاري.
ولحماية مبدأ المساواة بين جميع المواطنين والمواطنات داخل المجتمع الذي تتناقض فيه المصالح والأغراض، فإنه لابد من وجود ضمانات قانونية وقضاء مستقل وعادل يتم اللجوء إليه من طرف كل من تعرضت حقوقه للمس أو الانتهاك من لدن الآخرين سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين.
والدستور المغربي على غرار معظم الدساتير في العالم ينص على أن » جميع المغاربة سواء أمام القانون« (6)، ويلاحظ أن المشرع استعمل كلمة(المغاربة) عوض (المواطنين والمواطنات) التي تحيل بشكل واضح من الناحية الاصطلاحية على مبدأ المواطنة، كما يلاحظ أن واقع الحياة اليومية في مختلف المجالات ما زالت تعرف الكثير من التجاوزات التي تخل بالمبدأ الدستوري الذي يقر المساواة، وتحول بالتالي دون تجلي قيم المواطنة، ولذلك لا تقف بعض الدساتير في الديموقراطيات الغربية عند حد تسجيل المبدأ، وإنما تذهب إلى أبعد من ذلك لضمان احترامه في الممارسة، مثل الدستور الإيطالي الذي بعد تأكيده على أن » لكل المواطنين نفس القدر من الكرامة الاجتماعية، وهم سواء لدى القانون، دون تمييز في الجنس، أو العرق، أو اللغة، أو الدين، أو الأفكار السياسية، أو الأوضاع الشخصية والاجتماعية« يضع على الدولة مسؤولية »إزالة جميع العوائق الاقتصادية والاجتماعية التي تحد في الواقع من حرية المواطنين والمساواة بينهم، وتحول دون التنمية التامة للشخصية الإنسانية، ودون مشاركة جميع العاملين الفعلية في بنية البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية« (7).

المطلب الثاني: المشاركة في الحياة العامة:
ولا يكفي ضمان المساواة والتكافؤ في القوانين المسطرة، والأنظمة المتبعة، وفي الممارسة، لكي يتجلى مبدأ المواطنة، وإنما لابد كذلك من المشاركة الفعلية للمواطنين والمواطنات في الحياة العامة، الأمر الذي يتطلب توفر استعدادات حقيقية لدى كل المشتركين في الانتماء للوطن، وهذه الاستعدادات لا تتوفر إلا في حدود ضيقة في ظروف قمع الحريات، ومصادرة الفكر المتحرر من التبعية والخنوع، وفي ظل الأنظمة التي تناهض العمل السياسي الذي يحمل رؤية انتقادية، أو موقف معارض للحكام وللسياسات المتبعة؛ ففي مثل هذه الظروف التي تعرفها المجتمعات المتخلفة عموما، ومنها البلاد العربية والإسلامية، يلاحظ انزواء كثير من الكفاءات، وبروز الفردانية، والابتعاد عن المشاركة في الحياة العامة، والنفور من العمل السياسي، وغير ذلك من الظواهر المناقضة للمواطنة، فالأنظمة القمعية، ولو اختفت وراء ديموقراطيات شكلية، مسؤولة عن تقليص فرص المشاركة، ومدمرة لقيم المواطنة؛ ولا يتأتى نمو استعداد المواطنين والمواطنات للمشاركة في الحياة العامة إلا في ظل حرية الفكر والتعبير، وحرية الانتماء والنشاط السياسي والنقابي والجمعوي، وفي إطار الديموقراطية التي يكون فيها الشعب هو صاحب السيادة ومصدرا لجميع السلطات.
والمشاركة في الحياة العامة تعني أن إمكانية ولوج جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية متاحة أمام الجميع دون أي ميز، بدءا من استفادة الأطفال من الحق في التعليم والتكوين والتربية على المواطنة وحقوق الإنسان، واستفادة عموم المواطنات والمواطنين من الخدمات العامة، ومرورا بحرية المبادرة الاقتصادية، وحرية الإبداع الفكري والفني، وحرية النشاط الثقافي والاجتماعي، وانتهاء بحق المشاركة في تدبير الشأن العام بشكل مباشر كتولي المناصب العامة وولوج مواقع القرار، أو بكيفية غير مباشرة كالانخراط بحرية في الأحزاب السياسية، وإبداء الرأي حول السياسات المتبعة، والمشاركة في انتخاب أعضاء المؤسسات التمثيلية على المستوى المحلي والوطني والمهني.
وعندما تتاح الفرص المتكافئة للمشاركة أمام كل الكفاءات والطاقات يكون المجال مفتوحا للتنافس النوعي الذي يضمن فعالية النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويضفي الحيوية على المشهد الوطني، مما يساهم في خلق واقع ينشد التطور المتواصل والارتقاء المستمر.
والمشاركة بالمفهوم الواسع المبين أعلاه، تعني توفر فرص الانخراط التلقائي في مختلف مجالات الحياة العامة وحقولها، ولذلك فهي تختلف عن الإشراك الذي ينطوي على مفهوم المنح من سلطة عليا تحكم بأمرها، لرعايا تابعين خاضعين لنفوذها، لأن الإشراك بهذا المعنى يتناقض مع مفهوم المواطنة ويتعارض مع مقوماتها.

المطلب الثالث: الولاء للوطن:
ويعني الولاء للوطن أن الرابطة التي تجمع المواطن بوطنه تسمو عن العلاقات القبلية والعشائرية والحزبية، ولا خضوع فيها إلا لسيادة القانون، وأن هذه الرابطة لا تنحصر في مجرد الشعور بالانتماء وما يطبع ذلك من عواطف، وإنما تتجلى إلى جانب الارتباط الوجداني، في إدراك واعتقاد المواطن بأن هناك التزامات وواجبات نحو الوطن لا تتحقق المواطنة دون التقيد الطوعي بها.
ولا تتبلور في الواقع صفة المواطن كفرد له حقوق وعليه واجبات، بمجرد توفر ترسانة من القوانين والمؤسسات، التي تتيح للمواطن التمتع بحقوقه والدفاع عنها في مواجهة أي انتهاك، واستردادها إذا سلبت منه، وإنما كذلك بتشبع هذا المواطن بقيم المواطنة وثقافة القانون، التي تعني أن الاحتكام إلى مقتضياته هو الوسيلة الوحيدة للتمتع بالحقوق وحمايتها من الخرق، وبالتالي لا مجال لاستعمال العلاقات الخاصة مع ذوي النفوذ، أو الاحتماء بمركز الفرد في القبيلة أو العشيرة، وهي ظواهر ما زالت حاضرة في الكثير من العقليات والسلوكيات داخل مجتمعنا المغربي والمجتمعات المتخلفة عموما.
ويعني الولاء للوطن شعور كل مواطن بأنه معني بخدمة الوطن، والعمل على تنميته والرفع من شأنه، وحماية مقوماته الدينية واللغوية والثقافية والحضارية، والشعور بالمسؤولية عن المشاركة في تحقيق النفع العام، والالتزام باحترام حقوق وحريات الآخرين، واحترام القوانين التي تنظم علاقات المواطنين فيما بينهم، وعلاقاتهم بمؤسسات الدولة والمجتمع، والمساهمة في حماية جمالية ونظافة المدينة أو القرية التي يقيم بها، وحماية البيئة فيها، والمشاركة في النفقات الجماعية، والانخراط في الدفاع عن القضايا الوطنية، والتضامن مع باقي المواطنين والهيئات والمؤسسات الوطنية في مواجهة الطوارئ والأخطار التي قد تهدد الوطن في أي وقت، والاستعداد للتضحية من أجل حماية استقلال الوطن، والذود عن حياضه، وضمان وحدته الترابية، والارتكاز في ذلك على مبدأ عام يُفترض أن يربط بين مختلف فئات المواطنين وهو اعتبار المصالح العليا للوطن فوق كل اعتبار، وأسمى من كل المصالح الذاتية الخاصة والأغراض الفئوية الضيقة.
والولاء للوطن لا ينحصر في المواطنين المقيمين داخل حدود التراب الوطني، وإنما يبقى في وجدان وضمير وسلوك المواطنين الذين تضطرهم الظروف للإقامة في الخارج، لأن مغادرة الوطن لأي سبب من الأسباب، لا تعني التحلل من الالتزامات والمسؤوليات التي تفرضها المواطنة، وتبقى لصيقة بالمواطن تجاه وطنه الأصلي حتى ولو اكتسب الجنسية في دولة أخرى.

المبحث الخامس: ترسيخ فكرة المواطنة للفرد
قضية تأصيل مفهوم المواطنة؛ لابد أن تأخذ بنظر الاعتبار أنه لم ينشأ من حاضنة أحادية الفكر، انما نشأ في ظل حواضن متعددة تلتقي وتبتعد. ومهما يكن فإن مفهوم المواطنة يمثل الوعاء الأكبر والجامع لمختلف المسميات التي تخرج من معطفه، ويقوم بتأطير هذه المسميات بصيغ نظامية تلتقي عند المصلحة الأكبر والأهم وهي مصلحة الوطن. ومن أهم المعطيات والأبعاد التي يتكامل فيها مفهوم المواطنة: الهوية، الانتماء، التعددية.
وتلعب العلاقة الإيجابية بين الفرد ومجتمعه دوراً محورياً وأساسياً في عملية تحوله إلى مواطن وفق المعطيات والأبعاد التي تحدثنا عنها، مكتسباً صفةً مدنية تُكسِبهُ فاعلية ونشاطاً. والأكيد أن التصاق الفرد بقضايا مجتمعه والتفاعل معها؛ هو ما سيعزز مواطنته ودوره بشكل أكبر وأهم من طبيعة العلاقة التي تربطه بالدولة، على أهمية هذه العلاقة طبعاً في حال كانت بعيدة عن المصالح التي تُضيِّق من مساحات التمية المجتمعية بسبب تداعياتها المختلفة.

والسبب في أن علاقة الفرد بالمجتمع تعزز المواطنة أكثر من العلاقة بالدولة؛ هو أن العلاقة الثانية (المواطن/ الدولة)؛ تتأثر بنظرة الدولة لقضية الحريات، والمرتبطة أساساً بمفهوم الديموقراطية ، وليس جديداً القول أن ثمة رؤى وتنظيرات وشروحات متعددة لهذا المفهوم العائم تتباين من رقعة جغرافية إلى أخرى، ما يعني أن الفرد في الدولة (سين) مثلاً قد يكون مواطناً؛ لأنه تماهى مع نظرة الدولة للديموقراطية والحريات، بينما لايكون الفرد في الدولة (صاد) مواطناً ؛ لعدم انسجامه مع ذات المفهوم أو طريقة شرح المفهوم من قبل الدولة. وهكذا سنكون أمام مأزق تصنيفي، يتلخص في تأكيد مواطنة (سين) وإنكار مواطنة (صاد).ومثل هذا المأزق يحضر بقوة في بلداننا الشرقية رغم أنها تدعي الديموقراطية القائمة على القبول بالاختلاف والحوار في النقاط غير المتفق عليها ما يتيح متسعاً لمساحة الحريات ، لكن هل هذه هي الحقيقة؟

في الخليج مثلاً، نقرأ كتابات وتنظيرات للعديد من المفكرين الليبراليين ذات الصلة بقضايا مجتمعاتهم ، وهو أمر لاشك إيجابي، غير أن كتاباتهم تأخذ شكلاً أحادياً يتمثل في الانتقاص من خصوصيات مجتمعاتهم التي يريدون لها أن تتحول برمشة عين إلى مجتمعات تشابه المجتمعات الأوروبية ضاربين بعرض الجدار القيم والعادات والتقاليد ، بينما لانراهم يتطرقون إلى مسؤولية الدولة والأنظمة الحاكمة في تعزيز التخلف المجتمعي الذي تنوء بلدانهم تحت وطأته، ولا للأسباب التي تجعل من مجتمعاتهم متأخرة على صعيد الفكر والثقافة ، ولا لرؤية الأنظمة الحاكمة للديموقراطية إن كانت هناك ديموقراطية أصلاً .
وفي الحقيقة، فإن مثل هؤلاء المثقفين والكتاب الذين يدّعون اللبرلة والانفتاح والتحرر ليسوا سوى بيادق سلطوية لتدجين الأفراد، وآخر شيء يمكن التفكير به هو قضية صنع المواطن في داخل الفرد المجتمعي، وهذا ماتجلى بوضوح خلال الأزمة الأخيرة بين السعودية وقطر حيث المناوشات الكلامية وارتفاع حدة التصريحات والتصريحات المضادة على خلفيات سياسية ، أي تتعلق بالدولة وسياساتها ومصالحها ، وشاهدنا كيف أن النخب الثقافية في البلدين ضجت بتنظيراتها المنحازة لأنظمتها دون التطرق إلى الخطر الذي قد يصيب هوية المواطنين وعلاقاتهم المتشابكة في هذه المنطقة النفطية المثيرة للجدل. بل أن مثقفين وكتاب آخرين من دول أخرى تطوعوا للدفاع عن موقف معين دون آخر وبطريقة التكسب الرخيص لإرضاء هذا الملك أو ذاك الأمير ليتجه الصراع إلى مرافق لا علاقة لها بالصراع السياسي أصلاً كما في قضية طلب الاتحاد الإماراتي بتغيير حكم مباراته مع منتخب قطر، ربما لأن الحكم ينتمي لدولة لا علاقة لها بالصراع بين قطر ومعارضيها الخليجيين الجدد!

المبحث السادس: تهيئة الأجيال اللاحقة على المواطنة
الدور الذي تلعبه الثقافة، والدور الذي يلعبه العلم، والنظام التربوي؛ هو مايجب أن نعول عليه في قضيتنا التي نناقشها هنا وهي قضية المواطنة، ولابد لنا أن نولي اهتماماً مضاعفاً في قضية تنمية الأجيال على أسس صحيحة متخلصة من شوائب الماضي ومن عقده ومخلفاته، خصوصاً تلك التي أشعلت المنطقة وهددت قيم السلم والتسامح والتعايش، وصار لمظاهر العنف الحضور الأبرز. وأول مايجب البداية به هو تطوير الأنظمة التعليمية بما ينسجم والنظرة العصرية للحريات ، فالحصول على الموارد البشرية والطبيعية والمفكرين والمثقفين ؛ لايمكن أن ينتج مواطنة من دون أن يكون هناك أساس لنظام تعليمي وتربوي يهتم بتنشئة الأجيال، مدعوماً بمجتمع مدني متطور، ونظام ديموقراطي يرى الديموقراطية من خلال مفهومها الحقيقي وليس من خلال نظرته المعتمدة لمصالح فئات أو أشخاص أو إيديولوجيات، ولعل تجربة سقوط الاتحاد السوفياتي السابق ماثلة أمامنا وهي الدولة العظمى التي كانت تمثل مع الولايات المتحدة الأمريكية قوتان عالميتان كبيرتان، فمع كل ما تمتلكه من موارد سقطت ؛ بسبب نظرتها الضيقة التي كانت ترى في غير الشيوعي أو غير المنسجم مع الشيوعية عدواً يهدد النظام، وبذلك قلصت من فرص الانفتاح على الطاقات الانسانية الخلاقة والمبدعة والتي ستقود إلى مجتمع متطور ومزدهر. لذلك يلزم الاستفادة من التجارب السابقة، والعمل على إيجاد نظام تربوي لا يعتمد تذويب الفرد في الجماعة على حساب طاقاته وقدراته، نظام لا يقدم الجماعات على الأفراد حسب منطق الانقياد الأعمى سياسياً وفكرياً واقتصادياً وثقافياً.

هوامش:
1) معجم مصطلحات التربية على المواطنة الديموقراطية، عن موقع المجلس الأوربي في شبكة الأنترنيت.
2) أنظر أحمد صدقي الدجاني، مسلمون ومسيحيون في الحضارة العربية الإسلامية، القاهرة، مركز يافا للدراسات والأبحاث، 1999، ص 96.
3) علي خليفة الكواري، دراسة حول مفهوم المواطنة في الدولة الديموقراطية، العدد 30 من سلسلة كتب المستقبل العربي حول الديموقراطية والتنمية الديموقراطية في الوطن العربي، بيروت 2004 ص 93.
4) Luc Ferry et Alain Renaut, philosophie politique de droits de l’homme à l’idée républicaine, P.U.F.1985, p :87.

محمد عابد الجابري: التراث والحداثة، ط 1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،.1991
3- محمد عابد الجابري: الخطاب العربي المعصر، ط 5، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1994.
4- محمد عابد الجابري: الديمقراطية وحقوق اإلنسان، منظمة اليونسكو، بيروت، 1997.
5- محمد عابد الجابري: العصبية والدولة، معالم نظرية خلدونية في التاريخ السالمي، ط6، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1994.
6- محمد عابد الجابري: مسارات مفكر عربي، ط 1، مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت، 2011.
بشير نافع وآخرون: المواطنة والديمقراطية في البلدان العربية، ط 2، مركز دراسات
الوحدة العربية، بيروت، 2004
حمدي مهران: المواطنة والمواطن، في الفكر السياسي، ط 1، دار الوفاء للطباعة
والنشر، اإلسكندرية، 2012

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

2

followers

3

followings

1

similar articles