سقراط والحب.. هل انطلقت الفلسفة الغربية من تجربته الغرامية

سقراط والحب.. هل انطلقت الفلسفة الغربية من تجربته الغرامية

0 reviews

لم يترك أول الفلاسفة اليونانيين الكبار كتابات ولا سيرة ذاتية، والمتداول عنه هو ما رواه أفلاطون وزينوفون، اللذان عرفاه فيلسوفا للأخلاق وحكيما مشهورا بمنهجه السقراطي ومذهبه الفلسفي في أثينا التي مزقتها الحرب.

وتبدأ قصة سقراط المتداولة على لسان تلامذته في منتصف عمره، واشتهر منذ كان ثلاثينيا بمحاوراته واستجوابه ومقولاته، وحتى قصة إعدامه المأساوي الذي شكل نهاية عصر أثينا الذهبي.

لكن المصادر التي تتناول حياته المبكرة قليلة ومبعثرة للغاية، بما في ذلك حياته العاطفية المبكرة وتأثير وقوعه في حب أسبازيا، الذي أدى به إلى أن يصبح "أكثر الرجال حكمة في العالم القديم" كما كان يسمى.

وباستخدام مصادر مكتوبة قديمة تم تجاهلها أو إساءة تفسيرها، حاول أرماند دانجور، أستاذ الكلاسيكيات في جامعة أكسفورد، رسم الصورة المفقودة لسقراط عندما كان شابا في العشرينيات من عمره، وهي المرحلة التي يجب البحث فيها عن دليل على تغيير اتجاهه ليصبح المفكر والفيلسوف الذي يتجنب النجاح المادي بدلا من أن يحتفظ بمكانته كإحدى شخصيات نخبة أثينا.

ويستنتج دانجور في كتابه "سقراط في الحب.. صناعة فيلسوف" أن العناصر المهمة في تفكير سقراط نتجت عن معرفته وإعجابه بأسبازيا، التي كانت قريبة من عمره.

ويسلط الكتاب الضوء على شباب سقراط ونشأته غير التقليدية بين نخبة أثينا التي كانت تتلقى دروس الشعر والموسيقى والخطابة والفلسفة والرقص والمصارعة والقتال.

ويلفت النظر إلى صورة سقراط غير المألوفة كمصارع وراقص رياضي، ويروي كذلك قصته كعاشق رفضت محبوبته الزواج منه، لكنها بالمقابل ألهمته لتطوير الأفكار التي أسرت الفلاسفة طوال 2500 عام حتى الآن.
الإلهي والفاني، وأنه يمثل الاقتناء الأبدي السرمدي للخير.

واعتبرت "ديوتيما" كذلك أن من يبحث عن الجمال الجسدي سينتهي به الحال متغلبا على حب الجسد ومنتقلا للحب الروحي، ثم يرتقي في حب الحكمة غير المحدود نحو الجمال.

وأشار سقراط إلى أنه تلقى البلاغة على يد إسبازيا، لكنه ذكر "ديوتيما" باعتبارها معلمته في الحب وليس إسبازيا، ويرى الأكاديمي الإنجليزي دانجور أنهما شخص واحد في الحقيقة، بحسب عرضه لكتابه في موقع "ذا كونفرسيشن"

وفي واحد من حوارات أفلاطون وأسبازيا، وصفت الأخيرة دورها في تدريب سقراط على الخطابة الجنائزية، وبعبارة أخرى كانت أسبازيا معروفة بمهارتها في البلاغة والخطابة مثل "ديوتيما"، لا سيما الحديث عن الحب العذري.
الفيلسوف والزوج
تزوج سقراط لاحقا من الفتاة اليونانية زانثيبي التي كانت تصغره في السن بكثير، وأنجبت منه 3 أبناء، ويبدو أن روايات الفلاسفة الذين كتبوا عن سقراط تختلف في وصف زوجته التي وصفها أفلاطون بأنها زوجة وأم مخلصة، في حين اعتبرها زينوفون امرأة قاسية وصعبة المراس، ونقل عن أفلاطون أنه اختارها بالتحديد بسبب روحها الجدالية.
ويبدو أن صورة زينوفون هي التي صارت سائدة، وروي عن سقراط أنه قال إنه أصبح فيلسوفا وحكيما بفضل مشاكساتها.

والمعروف أن سقراط -الذي طرح مفهوم "الفضيلة هي المعرفة"- ولد عام 469 قبل الميلاد لأب بنّاء وأم قابلة، وتوفي عام 399 قبل الميلاد في سجنه الذي زُجّ به بعد محاكمته واتهامه بإفساد الشباب.

وقد قضى سقراط أغلب وقته في جدل فلسفي متبوعا بتلاميذه في الساحة الرومانية قرب السوق القديمة، حيث كان يقدم الشعب أضاحيهم لآلهة "الأولمب"، لكن سقراط لم يكتب شيئا من تعاليمه، إنما سجل بعضها تلميذه الفيلسوف أفلاطون والمؤرخ زينوفون.

وكان سقراط يعتقد أن الغاية من حياته هي التدريس والتشكيك في المعتقدات السائدة، وهو ما كان يقوم به أيام العصر الذهبي في أثينا، في الوقت الذي تمتعت فيه المدينة بقدر هائل من الحرية الفلسفية والسياسية والفنية، ورغم ما كان يعتقده فإنه قاتل بشجاعة في 3 معارك خاضها ضمن جيش أثينا.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

4

followers

2

followings

0

similar articles