هل العواطف المشتعلة وحدها تصلح لتحقيق حياة زوجية ناجحة ومستقرة؟

هل العواطف المشتعلة وحدها تصلح لتحقيق حياة زوجية ناجحة ومستقرة؟

0 reviews

هل العواطف المشتعلة وحدها تصلح لتحقيق حياة زوجية ناجحة ومستقرة؟
هذا السؤال يدفعنا لبحث موضوع هام وهو الزواج الذى يبدأ بليلة الزفاف والتى تعتبر بداية مضيئة لطريق جديد فى حياة الزوجين تكون الاشواك فيها أكثر من الورود ويكون الياس فيه أقرب من الآمال رغم تلك البداية المشرقة.. لماذا؟
لأن الزواج يعنى إعادة صياغة الأفكار الاجتماعية لدى شخصيتين مختلفتين ، منبعا وفكرا واسلوبا لتحقيق أرضية مشتركة يلتقى عليها الاثنان تفاهما وتجاوبا وانسجاما وهذا لا يمكن أن يحدث بين يوم وليلة .وهو أيضا ما لايمكن أن ( يذوب ) فى بحر الحب . إن دور الحب فى هذه الحالة هو تحقيق القدرة على الاحتمال فى فترة الانصهار وهو تجديد الأمل فى أن تنتهى هذه الفترة القلقة وصولا إلى بر الأمان. ولكن الحب وحده لا يكفى . إن العواطف المشتعلة تصلح إطار لقصة حب رائعة ولكنها بكل تأكيد ليست كافية لتحقيق مقومات حياة زوجية ناحجة ومستمرة.
ففى الزواج لا يكون الحب هو كل شئ  وإنما تبرز إلى جانبه وتتفوق عليه فى كثير من الحالات مسئولية الحياة المادية  ومفاهيم الزوجين عن العلاقة بينهما وميراث التقاليد التى يحملها كل واحد منهما فى بيئة مختلفة والتى تكون متناقضة بدرجة أو بأخرى مهمت كان هناك من تكافؤ اجتماعى.
والخطأ الذى يمكن أن يقع فيه الزوجين فى بداية العلاقة الزوجية ويكون السبب الأول والاكبر  فى كل المتاعب التى يتعرض لها الزواج فى فترة البداية هو تصور أن هناك محاولة لفرض أسلوب أحد الطرفين كمنهج للحياة المشتركة وأهمية الخطأ هنا فى أن هذا  لا يحدث قى الحقيقة وهو ما يكتشفه الزوجين بنفسها بعد مرور فترة التأقلم حيث يكون نتاج هذه الفترة هو أسلوب ( جديد ) ليس أسلوب الزوج أو أسلوب الزوجة ولكنه ما يلتق  عليه الزوجان  ويشعران معه وفيه بالانسجام والتفاهم.
لذلك فإن العناد من جانب أحد الطرفين يكون موقفا متعصبا لأنه يقوم على اوهام ويندفع وراء تخيلات الدفاع عن الكيان وهو أيضا يؤدي إلى إطالة فترة التأقلم بحيث يستغرق وقتا أطول.
والعناد يرتبط فى الذهن بمفهوم الكرامة  هذه نقطة أخرى على جانب كبير من الأهمية.. صحيح أن الكرامة لا تذوب ولا تختفي فى ظل الزواج ولكنها تصبح كرامة مشتركة وليست كرامة منفصلة اى أن كرامة أحد الزوجين من كرامة الأخرى.   الاعتداء على كرامة أحدهما يمثل اعتداء على كرامة الحياة الزوجية كلها. والنظرة الصحيحة فى هذا المجال لا تكون بوضع حدود فاصلة وإنما هى بتحقيق كيان يعتمد على الكرامة لطرفى العلاقة باعتبار أنها من مقومات الحياة الزوجية الناجحة والسعيدة. 
فلابد إذن من وجود الكرامة ولابد قى نفس الوقت من الحرص عليها فى إطار الكيان الجديد الذى حققه الزوجان دون أن تكون مسألة شخصية بحته. والدليل على ذلك انهيار الكرامة بالنسبة لاحد الطرفين يؤدي إلى انهيار الحياة الزوجية نفسها. فهى إذن من مقومات الزواج دون فصل بين شخصية الزوج أو شخصية الزوجة. وهى إذن موجودة وليست منفصلة.
أن الزواج مثل الورود له عبق وأريج ولكنه أيضا محاط بالاشواك خلال الفترة الاولى من الزواج.  لو اننا ادركنا هذه الحقيقة ولو أننا حرصنا على إنتاج هذه الاشواك بحكمة ولباقة وبراعة فإن الورود تبقى وحدها لكى تسعد أيامنا وليالينا وتؤكد أن الزواج رحلة رائعة يحلق فيها اثنان فى سماء الحب والمشاركة والانسجام بينما ترتكز اقدامهما على أرض صلبه من الواقع بعيدا عن الاوهام والخيالات.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

38

followers

7

followings

13

similar articles