الشيخ سعيد الكملي يسرد حياة الإمام مالك 3

تلاميذه :له تلاميذ كثر ملأوا الدّنيا علما وفقها و كان منهم كذلك من أصحاب المذاهب المتبعة،و كلّ واحد فيهم يصلح أن يُقال فيه هذا أبرزهم ، كأنّهم الحلقة لا يُدرَى طرفها، لكن ممن اشتهروا جدًّا من تلاميذ الإمام مالك الإمام الشّافعيّ، و لذلك بعض النّاس يقول هو أجلّهم شأنا لأنّه صار صاحب مذهب. و منهم عبد الرّحمان بن القاسم العُتقيّ الذي جالس الإمام مالك ولازمه أكثر من عشرين سنة ،و منهم يحيى بن يحيى اللّيْثيّ الذي روى عنه الموطّأ و روى عنه الفقه وهو الذي انتشر علمه في الأندلس و في الغرب الإسلاميّ و منهم يحيى بن يحيى النّيسابوريّ الذي يروي عنه مسلم حديث مالك في صحيحه و منهم عبد الله بن وهب و منهم أشهب فهم كثيرون جدّا وكثير منهم هم شيوخ البخاري ومسلم .

أهمّ اصول مذهبه: أصول مالك في الجملة كأصول غيره فهي كتاب الله وسنة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بأقسامها (أقواله وافعاله وإقرارته صلّى الله عليه وسلّم) والقياس .

ثمّ الأصول الفرعيّة المختلف فيها ،لكن لعلّ أبرز ما أثار الإشكال وملأ الدّنيا بالكلام من الموافق والمخالف هو عمل أهل المدينة، وهذا أصل اختص به الإمام مالك رحمه الله. هذا الأصل نوقش فيه الإمام مالك في حياته وهو حي ،قد بعث اليه اللّيث بن سعد المصريّ الامام المشهور رسالته التي ينكر عليه فيها جعل عمل أهل المدينة أصلا وقد تفرّق الصّحابة في الأمصار، وقد أجاب الامام مالك عن نفسه وهذا هذا من أبرز الأصول التي أثارت إشكالات عند الناس.

 مواقف من سيرة الإمام مالك رحمه الله : 

1- اشتهر بقوة اخلاصه.

2- قوة مالك واقتداء النّاس به حتى في بعض الأمور التي ما أراد هو نفسه أن يقتدي النّاس به فيها.

- قحط النّاس فاستسْقَوا و استسقى الإمام ومن سنّة الاستسقاء أنّ الإمام يُحوِّل رداءه  بعد الاستسقاء والدعاء، فمالك كان قاعدا فقام وحول رداءه فقام النّاس جميعا وحوّلوا أرديتهم ،سأل احدهم مالكا فقال:" أمِن السّنّة إذا حوّل الإمام رداءه أن يقوم المصلّون فيحوّلوا أرديتهم؟ قال:" من السّنّة أن يحوّلوا أرديتهم وليس عليهم أن يقوموا وإنما قمت أنا لأن ردائي كان تحتي فما استطعت تحويله حتى أقوم"، فهذا شيء ما أراد الإمام مالك أن يُقْتَدى به فيه ومع ذلك اقتُدِي به.

سأله سائل في الطريق فغضب قال: "ينبغي له أن يُحبَس" فقالوا:" هذا قاضي المدينة " قال: "القاضي أولى النّاس بالتأديب" فحُبِس القاضي.

- من قوة إخلاص الإمام مالك رحمه الله أنّ هارون جاء المدينة فبعث إلى مالك وزيرَه البَرْمَكِيّ وقال له:" ادعو مالكا يأتيني ليحدّثني بهذا الكتاب الذي صنّفه فلمّا جاءه الوزير وأخبره ذلك اهتمّ مالك لذلك وقال:" قل لأمير المؤمنين العلم يُؤْتَى ولا يَأْتِي والعلم يُقْصَد ولا يَقْصِد، فذهب البرمكيّ فأخبر هارون بذلك فغضب هارون، وقال له البرمكيّ:" يبلغ أهل العراق أنك أمرت مالكا بالمجيء فلم يجيء فأعزم عليه ،فإذا بمالك يدخل في تلك اللحظة وليس معه الكتاب فحدث هارون مالكا بذلك فقال له مالك :"يا أمير المؤمنين إن الله بعث محمدا صلّى الله عليه وسلّم وأمر بطاعته و اتّباع سنّته وهذه سنّته و قد رأيت من هو أدنى منك وأبعد منك نسبا من الموالي يجلّ حديث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويعظّمه و يعزّه و أنت أولى بذلك و هو ابن عمّك "،فبكى هارون الرّشيد فقال :"يا أمير المؤمنين حدّثني الزهريّ عن زيد بن ثابت قال: كنت بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أكتب ...وذكر سبب نزول آية ﴿ لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾...و ذكر تمام الحديث ،فقال مالك :"يا أمير المؤمنين هذا حرف من كتاب الله بعث الله فيه جبريل و الملائكة في مسيرة خمسين ألف سنة أفلا ينبغي لي أن أجلّ حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ؟ "فقال :" اذهب بنا نقرأ الموطّأ ". 

 ومن أراد أن يستزيد من سيرة الإمام مالك فليرجع إلى : 

-كتاب التزيين للسّيوطي 

-ترجمة حافلة للإمام في كتاب ترتيب المدارك لابن عبد البرّ ويمكن أن يقال أنّ كل ما ذكر عند غيره عالة على ما ذكره . انتهى كلامه بتصرّف .