حنكة وقصة الملك والحكيم والفيل

حنكة وقصة الملك والحكيم والفيل

0 المراجعات

الملك والحكيم والفيل 

 

اجتمع أهل البلدة وهم في كرب شديد يملأون الدنيا صراحًا وعويلًا مما أصاب مزارعهم التي هي رأس مالهم ومستقبل أولادهم، فقد خسروا الكثير من الثمار بسبب فيل الملك الذي يعيث في مزارعهم فسادا، وهو يتنزه محاطا بأشد الحراس الملكيين. ولقد كبر الفيل وأصبح ضخما، ولا يستطيع أحد التصدى له، وإلا يتعرض لبطش حراس الملك. و كل يوم يرتفع البكاء والعويل، وتزيد فداحة الخسائر، ولا يوجد أمل في الخلاص من الفيل! وفي يوم مر عليهم رجل فقير لا يملك من حطام الدنيا إلا عقلًا راجحا وقلبا نقيا، ويعيش على الكفاف راضيا، فسألهم: ما بالكم تبكون وتتذمرون كل يوم؟!!! فقصوا عليه مصابهم بسبب فيل الملك، قال: وهل جلوسكم كل يوم وعويلكم حل للمشكلة أم لابد من التصرف؟!! قالوا لا نريد أن نتعرض للتهلكة بالوقوف أمام فيل الملك وحراسه، ولو ذهبنا للملك لنشكو له فيله لطارت رؤوسنا بتهمة التمرد! ومرت عدة أسابيع وهم على هذه الحال، والخسائر تزداد ومستقبل الأبناء يضيع أمام أعين الأباء، ثم مر عليهم هذا الحكيم مجددا، وبعد أن أعمل عقله ليجد حلًا يرفع عنهم الظلم قال لهم: لدى الحل على أن نشارك فيه جميعا؟! فأجمعوا الموافقة على أي أحد يزيل الظلم. قال الرجل الحكيم: نذهب إلى الملك ونعرض عليه غذاء الفيل لنريحه من عناء البحث عن غذائه!! 

قالوا: وإن رفض الملك سيقطع رقبة من تكلم الحكيم وتعيينه وزيرا للملك!!! قال لهم: سنتكلم جميعا، فلن يستطيع الملك قتلنا جميعا، فعلى من سيكون ملكا إن فعل؟!!

 قالوا: وكيف؟! 

قال: ندخل على الملك صفا مرتبا، وكل واحد منا يتكلم بكلمة واحدة، وأنا أولكم مع أني ليس لى أرض ولا مصلحة؛ فأقول: يا مولاى الملك، والثاني يقول: فيل جلالتكم، والثالث يقول: أكل البرسيم، والرابع يقول: رأس مال الفلاحين، والخامس يقول: وإنا لا نريد أن نرهقه، والسادس ...... وهكذا. 

فلو رفض الملك فلن يلقي تهمته على واحد بعينه، ففرحوا جميعا بالحل العبقري للرجل الحكيم، ومكث معهم طيلة الليل ليحفظ كل واحد دوره ويتدرب عليه. وفي الصباح إستأذن لهم الرجل الحكيم في الدخول إلى قصر الملك ومقابلته لأمر هام، متصدرا المشهد، وبعد مشاورات وافق الملك على مقابلتهم ولكن خارج القصر، في ساحة واسعة خضراء.

 ووقفوا صفا كما تدربوا بالليل، وتقدمهم الحكيم بكل حماس، ونظر إليهم الملك وأمرهم بالتحدث والحراس يملأون المكان شاهرين السيوف. قال الحكيم -كما اتفقوا-: يا مولاى الملك، ونظر لمن بجانبه ليكمل، ولكنه أبى من الخوف أن يتكلم، فقال الحكيم : فيل جلالتكم (بدلا من الثاني)، ونظر إلى الثالث لكنه أيضا أبي من الخوف أن يتكلم، فجن الحكيم إلا أنه تحدث بدلًا منه فقال: أكل البرسيم، ونظر إلى الرابع ولكن تكرر الأمر، فقال الحكيم وهو يكاد ينفجر غيظا: رأس مال الفلاحين، ونظر إلى الخامس على أمل أن يتحدث، فإذا بالجميع يرفض الكلام، فشعر عندها أنه قد تورط وستقطع رقبته ولا مصلحة له، فقد كان عمله هذا لأجل رفع الظلم عن الفلاحين. المشهد مرعب والملك صبره بدأ ينفذ والسيوف تتلألأ أمام عيني الحكيم، فماذا يصنع؟! عندها نظر الحكيم إلى الملك وقال مكملا الحوار بتهكم وسخرية: والفيل يا مولاى كبر وسمن ولكنه وحيد، فلابد من البحث له عن زوجة ليسعد وينشط، وينجب أفيال كثيرة لتأكل زروع وثمار الفلاحين المتبقية، فهم سعداء بذلك يا مولاى! عندها فتحت أساريره وسعد بهذا الطلب الشعبي وأسرع الملك في تنفيذه. وفي اليوم التالى حضر الفلاحون مرغمون حفل تكريم الرجل.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

87

متابعين

13

متابعهم

7

مقالات مشابة